responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السنة نویسنده : المروزي، محمد بن نصر    جلد : 1  صفحه : 109
399 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] قَالَ: ثنا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: §أَيِ السُّنَّةُ يَمْتَنُّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بَيَّنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، فَالْحِكْمَةُ غَيْرُ الْكِتَابِ، وَهِيَ مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ، وَكُلٌّ فَرْضٌ لَا افْتِرَاقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مَجِيئَهُمَا وَاحِدٌ وَكُلٌّ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِتَعْلِيمِهِ الْخَلْقَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِم الْأَخْذَ بِالسُّنَّةِ وَالْعَمَلَ بِهَا كَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْعَمَلَ بِالْكِتَابِ، فَكَانَ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنَى الْآخَرِ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ طَاعَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهَا مُفْتَرَضَةً عَلَى خَلْقِهِ كَافْتِرَاضِ طَاعَتِهِ عَلَيْهِمْ لَا فُرْقَانَ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ فَمَا أَنْكَرْتُمْ أَنْ يُنْسَخَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا نَسَخَ الْقُرْآنَ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّمَا نَسَخَ مَا أَمَرَ بِهِ بِأَمْرِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَسَخَ حُكْمًا فِي الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّمَا يَنْسَخُ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ بِأَمْرِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ فَقَدْ قَصُرُ عِلْمُهُ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ تَعْظِيمُ الْقُرْآنِ أَنْ يُنْسَخَ بَعْضُ أَحْكَامِهِ بِالسُّنَّةِ، فَالْقُرْآنُ عَظِيمٌ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ يَنْسَخُ اللَّهُ كَلَامَهُ فَيُبْطِلُهُ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَنْسَخُ الْمَأْمُورَ بِهِ كَلَامُهُ بِمَأْمُورٍ بِهِ فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْمَأْمُورُ بِهِمَا مُتَسَاوِيَانِ؛ لِأَنَّهُمَا حُكْمَانِ، وَالْقُرْآنُ أَعْظَمُ مِنَ السُّنَّةِ وَلَوْ جَازَ لِمَنْ عَظَّمَ الْقُرْآنَ - وَهُوَ أَهْلٌ أَنْ يُعَظَّمَ -، أَنْ يُنْكِرَ أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ حُكْمًا فِيهِ بِحُكْمٍ فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَجَازَ لَهُ أَنْ يُنْكِرَ أَنْ يُفَسَّرَ الْقُرْآنُ بِالسُّنَّةِ، وَيُوجِبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَرْجَمَ الْقُرْآنُ إِلَّا بِقُرْآنٍ مُنَزَّلٍ مِثْلِهِ، فَإِنْ جَازَ هَذَا جَازَ هَذَا، فَفِي إِقْرَارِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجَمَ الْقُرْآنَ وَفَسَّرَهُ بِسُنَّتِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ سَاوَوْا بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، بَلْ جَعَلُوا السُّنَّةَ أَعْلَى مِنْهُ وَأَرْفَعَ فِي قِيَاسِهِمْ، إِذْ كَانَ الْقُرْآنُ لَا يُعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْتَاجُ أَنْ تُفَسَّرَ بِالْقُرْآنِ، وَاحْتَاجَ الْعِبَادُ فِي الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ فَسَّرَهُ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ فَقَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ مَا أَنْكَرُوا؛ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ تَنْسَخُهُ السُّنَّةُ لَكَانَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إِذْ كَانَ غَيْرُهُ يَنْسَخُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ عَظَّمَ شَأْنَهُ فَقَالَ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] وَجَعَلَهُ شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ فَأَنْكَرُوا إِذْ عَظَّمَهُ اللَّهُ أَنْ تَنْسَخَهُ سُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقَرُّوا أَنَّ عَامَّةَ أَحْكَامِ اللَّهِ فِيهِ وَأَخْبَارَهُ وَمَدْحَهُ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِالسُّنَّةِ، قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ خَالَفَنَا: إِنَّهُ لَوْ جَازَ -[110]- أَنْ يُنْسَخَ الْقُرْآنُ بِالسُّنَّةِ لَجَازَ أَنْ يُنْسَخَ كُلُّ أَحْكَامِهِ فَلَا يَكُونُ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ يَلْزَمُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ جُمَلَ فَرَائِضِ اللَّهِ إِلَّا بِتَفْسِيرِ السُّنَّةِ، فَكَانَ جَائِزًا أَنْ يُجْمِلَ اللَّهُ كُلَّ فَرْضٍ فِيهِ فَلَا يُنْقِصُ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُفَسِّرَ لِكُلِّ فَرْضٍ فِيهِ، فَلَا يَكُونُ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ يُعْرَفُ إِلَّا بِالسُّنَّةِ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ مَا قَاسُوا عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَزَادُوا مَعْنًى هُوَ أَكْثَرُ، قَالُوا: لِأَنَّا قُلْنَا إِنَّمَا يَنْسَخُ اللَّهُ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَلَا تُنْسَخُ أَخْبَارُهُ وَلَا مَدْحُهُ، وَأَقَرُّوا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَخْبَارِ اللَّهِ وَمَدْحِهِ فَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ، فَهَذَا أَكْثَرُ فِي الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَا

400 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَعَمَ أَبُو ثَوْرٍ أَنَّ الْقَائِلَ إِنَّ السُّنَّةَ تَنْسَخُ الْكِتَابَ مُغَفَّلٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَيُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ: وَهَذَا افْتِرَاءٌ، فَقَالَ: بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُهُ أَعْظَمُ غَفْلَةً مِنْ هَذَا وَأَشَدُّ افْتِرَاءً مَنْ حَكَى عَنْ مُخَالِفِهِ مَا لَا يَقُولُهُ وَشَنَّعَ بِهِ عَلَيْهِ، لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَلَا يُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، بَلِ الْقَوْلُ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُحِلُّ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا يُحَرِّمُ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ،

401 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِلَّا أَنَّ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ مِنَ اللَّهِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ شَيْءٍ فِي كِتَابِهِ فُيُسَمِّيَهُ قُرْآنًا كَقَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] وَمَا أَشْبَهُ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ حَرَّمَهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ وَحْيًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ، أَوْ تَحْلِيلِهِ، أَوِ افْتِرَاضِهِ فَيُسَمِّيهُ حِكْمَةً، وَلَا يُسَمِّيهُ قُرْآنًا، وَكِلَاهُمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: 113] ، وَقَالَ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} ، فَتَأَوَّلَتِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْحِكْمَةَ هَا هُنَا هِيَ السُّنَّةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْكِتَابَ، ثُمَّ قَالَ: {وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] فَفَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ غَيْرُ الْكِتَابِ، وَهِيَ مَا سَنَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ: وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْكِتَابَ وَهَذَا يَبْعُدُ، فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ مَا أَنْكَرْتَ أَنْ يُحَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فُرِضَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ بِالْكِتَابِ فَيَأْمُرُهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِوَحْيٍ يُوحِيهُ إِلَيْهِ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قُرْآنًا وَلَكِنْ يُنَزِّلُ عَلَيْهِ حِكْمَةً يُسَمِّيهَا سُنَّةً، وَهَذَا مَا لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ

نام کتاب : السنة نویسنده : المروزي، محمد بن نصر    جلد : 1  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست