والمماثلة وأسلوب الحديث النبوي ضرب آخر لا يجل عن المشابهة والمماثلة بل هو محلق في جو البيان يعلو أساليب الناس في جملته دون تفصيله ولا يستطيع بحال أن يصعد إلى سماء إعجاز القرآن! فإن افترضت أنه كان له أسلوبا مختلفان أحدهما يحضره ويتعمل له وهو ما سماه بالقرآن والآخر يرسله ولا يحضره وهو ما سمي بالحديث إن افترضت ذلك فانظر علاج الشبهة العاشرة في المبحث الثالث من هذا الكتاب من "ص 78 – 84 الجزء الأول" فإن فيه شفاء ما في نفسك والله يكتب العافية لي ولك.
الشبهة السادسة ودفعها:
يقولون إن أنباء القرآن الغيبية لا تستقيم أن تكون وجها من وجوه الإعجاز الدالة على أنه كلام الله بل هو كلام محمد استقى أبناءه من أهل الكتاب في الشام وغيرها أو رمى فيه الكلام على عواهنه فصادف الحقيقة اتفاقا أو استنبط الأنباء برأيه استنباطا ثم نسبها إلى الله.
وندفع هذه الشبهة أولا بأن أكثر أنباء الغيب التي في القرآن لم يكن لأهل الكتاب علم بها على عهده.
ثانيا أنه صحح أغلاطهم في كثير من هذه الأنباء فليس بمعقول أن يأخذها عنهم وهو الذي صححها لهم!.
ثالثا أن أهل الكتاب في زمنه كانوا أبخل الناس بما في أيديهم من علم الكتاب.
رابعا أنه لو كان لهذه الشبهة ظل من الحقيقة لطار بها أهل الكتاب فرحا وطعنوا بها في محمد وقرآنه ولطبل لها المشركون ورقصوا لكن شيئا من ذلك لم يكن بل إن جلة من علماء أهل الكتاب آمنوا بهذا القرآن ثم لم يمض زمن طويل حتى أعطت قريش مقادتها لها عن إيمان وإذعان.