responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناهل العرفان في علوم القرآن نویسنده : الزرقاني، محمد عبد العظيم    جلد : 2  صفحه : 380
خبرني بربك هل يتصور عاقل أن محمدا وهو في موقف الخصومة الشديدة من اليهود تطوع له نفسه أن يتحداهم هذا التحدي من عنده في لغة الواثق الذي لا يتردد والآمن الذي لا يخاف المستقبل؟ وهل كان يأمن أن يرد عليه واحد منهم فيقول إني أتمنى الموت وهنا تكون القاضية فتنقطع لا قدر الله حجة الرسول ويظهر عجزه وتفشل دعوته أمام قوم هم من أشد الناس عداوة للذين آمنوا ومن أحرصهم على إفحام الرسول وتعجيزه.
فصدور هذا التحدي من رجل عظيم كمحمد ثم استخذاء هؤلاء وانصرافهم عن الرد عليه وعن إسكاته وهو في مقدور أقل رجل منهم ثم تسجيل هذا الاستخذاء عليهم في الحال بقوله: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} وفي الاستقبال بقوله: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً} كل أولئك أدلة ساطعة على أن القرآن كلام علام الغيوب قاهر الألسنة ومقلب القلوب وهي أيضا براهين قاطعة على أن محمدا لا يمكن أن يكون مصدر هذا الكتاب ولا منبع هذا الفيض بل قصاراه أنه مهبط هذا التنزيل وأنه يتلقاه من لدن حكيم عليم.
المثال الحادي عشر وهو من عجائب هذا الباب أن القرآن عرض لتعيين بعض أحداث جزئية تقع في المستقبل لشخص معين ثم تحقق الأمر كما أخبر هذا هو الوليد ابن المغيرة المخزومي يقول الله فيه: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} أي سنجعل له علامة على أنفه يعرف بها وقد كان ففي غزوة بدر الكبرى خطم ذلك الرجل بالسيف أي ضرب به أنفه وبقي أثر هذه الضربة سمة فيه وعلامة له ولعلك لم تنس أن الوليد هو الذي نزل فيه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} وما بعدها من الآيات التي ذكرناها قبلا وهو أيضا الذي نزلت فيه هنا هذه الآيات من سورة القلم: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ , هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ , مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ , عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ , أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ , إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ , سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} نعوذ به تعالى من الكفر والعناد وسوء الأخلاق ونسأله الإيمان الكامل والعمل الصالح والخلق الفاضل آمين.

نام کتاب : مناهل العرفان في علوم القرآن نویسنده : الزرقاني، محمد عبد العظيم    جلد : 2  صفحه : 380
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست