في خبر الواحد الذي لا يفيد القطع وهذه القرائن التي تفيد القطع هنا نعلمها من أن الحادثة المروية حادثة جزئية حسية لا تحتمل الخطأ ولا النسيان وأنها تتصل بأمر عظيم هو صلاة جمع من المسلمين وأن الراوي لها صحابي جليل وأنه لا واسطة بينه وبين الرسول وأنه واثق من أنه إن كذب فسيتفتضح أمره لا محالة وسيلاقي من العنت والعقاب ما يحيل العقل عادة معه تسبب هذا الراوي العظيم له يضاف إلى هذا أن التوجه إلى بيت المقدس كان متوقع الانتساخ لما هو معروف من حب العرب وحب الرسول معهم لاستقبال الكعبة التي هي مفخرتهم ومفخرة آبائهم وأجدادهم فكان عليه الصلاة والسلام يرفع وجهه إلى السماء انتظارا لنزول الوحي بذلك {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} .
نسخ القياس والنسخ به
ينطوي تحت نسخ القياس والنسخ به صور ثلاث أولاها أن ينسخ القياس حكما دل عليه قياس ومثلوا لذلك بأن يوجب الشارع إكرام زيد لسخائه فنقيس عليه عمرا لوجود علة السخاء فيه ثم بعد ذلك يوجب الشارع إهانة بكر لكونه سكيرا فنقيس عليه عمر المذكور لوجود علة السكر فيه وبذلك ينتسخ وجوب إكرام عمر وبوجوب إهانته عند ترجيح هذا القياس الثاني على الأول.
ثانيتها أن ينسخ القياس حكما دل عليه نص كأن ينص الشارع على إباحة النبيذ ثم بعد ذلك يحرم الخمر لإسكاره فنقيس النبيذ عليه لوجود علة الإسكار فيه وبذلك ينتسخ حكم الإباحة الثابت نصا بحكم التحريم الثابت قياسا.
ثالثتها أن ينسخ النص قياسا كأن يحرم الشارع الخمر لكونه مسكرا فنحمل عليه النبيذ لإسكاره ثم بعد ذلك ينص الشارع على إباحة النبيذ فتنسخ حرمة النبيذ الثابتة قياسا بإباحته الثابتة نصا.