وقف عليه دائما تحققنا أنه فاصلة وما وصله دائما تحققنا أنه ليس فاصلة وما وقف عليه مرة ووصله أخرى احتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة أو لتعريف الوقف التام أو للاستراحة واحتمل الوصل أن يكون غير فاصلة أو فاصلة وصلها لتقدم تعريفها وفي هذا مجال للقياس وهو ما ألحق غير المنصوص عليه بالمنصوص عليه لأمر يقتضي ذلك. ولا محظور فيه لأنه لا يؤدي إلى زيادة ولا نقصان في القرآن وإنما غايته تعيين محل الفصل أو الوصل.
وقد يلاحظ في الكلمة الواحدة من القرآن أمران يقتضي أحدهما عدها من الفواصل والآخر يقتضي خلاف ذلك. مثال ذلك كلمة {عَلَيْهِمْ} الأولى في سورة الفاتحة منهم من يعتبرها رأس آية ومنهم من لا يراها كذلك. وسبب هذا أنهم اختلفوا في البسملة أهي آية من الفاتحة أم لا؟ مع اتفاقهم على أن عدد آيات الفاتحة سبع. فالذين ذهبوا إلى أن البسملة آية من الفاتحة جعلوا {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} إلى آخر السور آية واحدة. والذين ذهبوا إلى أن البسملة ليست آية منها جعلوا الآية السابعة ما بعد كلمة {عَلَيْهِمْ} الأولى واعتبروا هذه الكلمة فاصلة لوقوعها في آخر الآية السادسة. ومن المرجحات لعدها فاصلة تحقق التناسب بين الآيات في المقدار بخلاف ما إذا لم يعتبر فاصلة فإن هذه الآية الأخيرة تطول وتزيد على ما سواها كثيرا. ومن المرجحات لعدم عدها فاصلة أنها لا تشاكل فواصل الفاتحة فإنه جاء في كل واحدة منها قبل الحرف الأخير ياء مد بخلاف هذه. أضف إلى ذلك أنه لم تجيء فاصلة على هذا النمط في سورة من السور.
واعلم أنه قد تطلق الآية القرآنية ويراد بعضها أو أكثر. ولكن على ضرب من المجاز والتوسع فلا تتوقفن فيه.
مثال إطلاق الآية على بعضها قول ابن عباس: أرجى آية في القرآن: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} فإن هذه