الدستور الرشيد تم جمع القرآن بإشراف أبي بكر وعمر وأكابر الصحابة وإجماع الأمة عليه دون نكير. وكان ذلك منقبة خالدة لا يزال التاريخ يذكرها بالجميل لأبي بكر في الإشراف ولعمر في الاقتراح ولزيد في التنفيذ وللصحابة في المعاونة والإقرار.
قال علي كرم الله وجهه: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بسند حسن.
وقد قوبلت تلك الصحف التي جمعها زيد بما تستحق من عناية فائقة فحفظها أبو بكر عنده. ثم حفظها عمر بعده. ثم حفظتها أم المؤمنين حفصة بنت عمر بعد وفاة عمر. حتى طلبها منها خليفة المسلمين عثمان رضي الله عنه حيث اعتمد عليها في استنساخ مصاحف القرآن. ثم ردها إليها كما يأتيك بيانه إن شاء الله.
مزايا هذه الصحف:
وامتازت هذه الصحف: أولا: بأنها جمعت القرآن على أدق وجوه البحث والتحري وأسلم أصول التثبيت العلمي كما سبق شرحه لك في الدستور السابق.
ثانيا: أنه أقتصر فيها على ما لم تنسخ تلاوته.
ثالثا: أنها ظفرت بإجماع الأمة عليها وتواتر ما فيها. ولا يطعن في ذلك التواتر ما مر عليك من أن آخر سورة براءة لم يوجد إلا عند أبي خزيمة فإن المراد أنه لم يوجد مكتوبا إلا عنده وذلك لا ينافي أنه وجد محفوظا عند كثرة غامرة من الصحابة بلغت حد التواتر وقد قلنا غير مرة: إن المعول عليه وقتئذ كان هو الحفظ والاستظهار. وإنما اعتمد على الكتابة كمصدر من المصادر زيادة في الاحتياط ومبالغة في الدقة والحذر. ولا يعزبن عن بالك أن هذا الجمع كان شاملا للأحرف