نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 88
خلال رحلاته الكثيرة[1] غير أن كازانوفا- بعد إيراده تلك المعلومات الدقيقة المفيدة- لا يلبث أن يصرح بارتيابه بقيمتها التاريخية، وإذا هو يأتي بأغرب رأي وأجرئه في عالم الدراسات القرآنية، فما جمع عثمان للمصحف -في نظره- إلا قصة وهمية أحكم نسجها في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان توطئة للمبالغة في شأن التحسينات التي أدخلت على رسم المصاحف في عهد الخليفة المذكور[2].
وأعجب من هذا كله أن كازانوافا لا يتورع عن المجازفة بإلقاء حكم صبياني لا يوافقه عليه عاقل بين الناس، حتى ولا إخوانه المستشرقون[3]، فيجعل الحجاج بن يوسف الثقفي أول جامع للقرآن[4]، وقد صرح بلاشير بعقم هذا الرأي وفساده فقال: "لا يمكننا قط أن نتابع كازانوافا على هذا الزعم الجريء الذي تنقصه النصوص الثابتة"[5].
هذا، ومن المعروف أن ابن كثير[6] -وهو من علماء القرن الثامن الهجري- قد رأى مصحف الشام، فهو يقوب في كتابه "فضائل القرآن": "أما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله, وقد كان قديما بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود سنة 518هـ، وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي، بجبر محكم، في رق أظنه من جلود الإبل"[7].
ويبدو كذلك أن ابن الجزري صاحب "النشر في القراءات العشر" وابن فضل [1] Casanova, op,cit.,130-139. [2] Casanova, op,cit.,141 [3] انظر على سبيل المثال "Blachere, Intr, cor.,p.92" [4] Casanova, op, cit. P,127 [5] وانظر بقية استدلاله على خطأ هذا الرأي في "Blachere, Intr, cor. p.68" [6] ابن كثير هو إسماعيل بن عمر بن كثير، عماد الدين أبو الفداء، حافظ مؤرخ فقيه، له تفسير القرآن، والبداية والنهاية في التاريخ، وكثير من المؤلفات القيمة، توفي سنة 774هـ "الأعلام 1/ 109" وسيرد ذكره في مبحث "التفسير". [7] فضائل القرآن ص 49ط. المنار سنة 1348.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 88