responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم    جلد : 1  صفحه : 264
ثانيها:
جانب تربوي تعليمي، إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يمثلون قمة العبودية لله تعالى، وهم القدوة لغيرهم في ذلك.
كما أن سيرتهم الذاتية هي النبراس لغيرهم أثناء السير إلى الله تعالى فلئن وقع منهم بمقتضى الطبيعة البشرية ما يعاتبون عليه سرعان ما يرجعون إلى الله ويلتجئون إلى عفوه ومغفرته ويتفيئون ظلال رحمته ورضوانه.
إن في رسم معالم التوبة والاستغفار واستدرار الرحمة والرضوان من خلال سيرة الأنبياء تشريعًا لأمم، ولو لم تكن هذه الوقائع في سيرهم فأنى للمذنبين أن يدركوا طريق الإنابة إلا ظلال رحمة ربهم.
إن في لجوء آدم عليه السلام إلى ربه بالابتهال، والإنابة {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] .
وفي استسلام نوح عليه السلام لربه ورجوعه إليه، وإيثار رضوانه على ما تطلعت إليه نفسه بشأن ابنه أكبر المعالم التربوية إلى يوم القيامة.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] .
وفي ابتهال ذي النون في بطن الحوت {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] .
زاد لمن وقع في ضيق الدنيا وتقلبات أحوالها وسدت في وجهه السبل.
وفي إنابة داود عليه السلام واستغفاره وإقباله على ربه بالطاعة والعبادة إدراك للصلة بين العبد وخالقه ومولاه ومالكه. {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ، فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 24، 25] .
لو ترك البشر يشرعون لأنفسهم طريق التوبة والإنابة والاستغفار لما اهتدوا إلى رضوان ربهم، ولضلوا كما ضل من شرع لنفسه شئون حياته الدنيوية إن "الدعاء هو العبادة"[1] والشرائع التعبدية كلها من الله سبحانه وتعالى وليس لأحد أن يشرع

[1] رواه الترمذي في كتاب التفسير: 4/ 279.
نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم    جلد : 1  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست