ومن قرأ "مسوَّمين" بالفتح [1] أراد أنه فُعِل ذلك بهم. والسُّومَةُ: العلامة التي تعلم الفارس نفسه.
وقال أبو زيد: [2] يقال سوم الرجل خيله: إذا أرسلها في الغارة. وسوَّمُوا خيلهم: إذا شنوا الغارة. وقد يمكن أن يكون النَّصْبُ من هذا أيضا.
127- {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بأسْر وقتل.
{أَوْ يَكْبِتَهُمْ} قال أبو عبيدة: الكَبْت: الإهلاك [3] . وقال غيره: هو أن يغيظهم ويحزنهم. وكذلك قال في قوله في سورة المجادلة: {كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [4] ويقال: كبت الله عدوّك.
وهو بما قال أبو عبيدة أشبه. واعتبارُها قوله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} [5] لأن أهل النظر يرون أن "التاء" فيه منقلبة عن "دال" [6] . كأن الأصل فيه: يَكْبدُهُم أي يصيبهم في أكبادهم بالحزن والغيظ وشدة العداوة. ومنه يقال: فلان قد أحرق الحزن كبدَه. وأحرقت العداوة كبده. والعرب تقول للعدو: أسود الكبد. قال الأعْشَى: [1] وهي قراءة ابن عامر، وحمزة، والكسائي، ونافع، كما في تفسير القرطبي 4/196. [2] البحر المحيط 3/51. [3] في مجاز القرآن 102 "تقول العرب: كبته الله لوجهه، أي صرعه الله". [4] سورة المجادلة 5. [5] سورة الأحزاب 25. [6] في اللسان 2/381 "وقال الفراء: كبتوا: أذلوا وأخذوا بالعذاب بأن غلبوا كما نزل بمن كان قبلهم. قال الأزهري: وقال من احتج للفراء: أصل الكبت: الكبد، فقلبت الدال تاء، أخذ من الكبد، وهو معدن الغيظ والأحقاد. فكأن الغيظ لما بلغ بهم مبلغه، أصاب أكبادهم فأحرقها، ولهذا قيل للأعداء: هم سود الأكباد. وفي الحديث: أنه رأى طلحة حزينا مكبوتا، أي شديد الحزن. قيل الأصل: فيه مكبود بالدال، أي أصاب الحزن كبده، فقلب الدال تاء" وإني أرى أن الأزهري يقصد ابن قتيبة بقوله: "وقال بعض من احتج للفراء".