مرحلة التدوين في القراءات:
لقد بدأ التأليف في علم القراءات منذ عصر مبكر؛ حيث كان القرآن الكريم وتلاوته شغلهم الشاغل عن كل شيء، حتى كان بعضهم يُفضِّل تعلم القرآن وتعليمه على الجهاد في سبيل الله[1]؛ إلا أن المؤرخين مختلفون في تعيين أول مَن ألَّف في القراءات.
فذهب الأكثر إلى أنه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام "ت224هـ"[2].
وحسب الإمام ابن الجزري في غاية النهاية[3] أنه الإمام أبو حاتم السجستاني "ت255هـ".
والراجح: أن الإمام يحيى بن يعمر "ت90 أو 89هـ" هو أول مَن ألَّف في القراءات[4]. [1] انظر: النشر 1/ 4. [2] انظر: النشر 1/ 33، 34. [3] 1/ 320. [4] وفيه مبالغة على حد قول الدكتور/ السيد رزق الطويل؛ لأن القرن الأول لم يكن عصر تأليف وتدوين؛ وإنما هو عصر رواية ونقل "انظر: في علوم القراءات ص35" وما أراه بعيدًا ولا مبالغة فيه، فالتأليف والتدوين الشخصي كمذكرة بدأ منذ عصر الصحابة، وكانوا يجمعون الأحاديث، وقد ذكر أن علم الاحتجاج بالقراءات بدأ التدوين فيه منذ القرن الثاني الهجري "انظر: المدخل والتمهيد، للدكتور/ عبد الفتاح شلبي ص109" فإذا كان كذلك، فكيف لا يتصور بداية التأليف في علم القراءات منذ عصر أئمتها المعروفين أو في عصر من قبلهم من أساتذتهم؟ ولذلك نرى فضيلة الدكتور: محمد سالم محيسن يقول: "وإن تدوين القراءات القرآنية كعلم مستقبل بدأ منذ عصر مبكر" "في رحاب القرآن الكريم 1/ 485" وعلى هذا فلا يستبعد أن يكون الإمام يحيى بن يعمر سجل القراءات التي تعلَّمها من أساتذته، وإن كان التسجيل هذا على غير المنهج العلمي المتبَع في التأليف، ومع ذلك فمن الممكن اعتباره تدوينًا لمادة القراءات.
راجع التدوين في القراءات في كتاب: القراءات القرآنية للدكتور/ عبد الهادي الفضلي ص28-35.