أما "الاحتجاج" للقراءات بقواعد النحو وشواهد اللغة فكثير، وإن كان ذلك عكسًا للوضع الصحيح -في الحقيقة- فالمفروض أن يحتج للنحو ومذاهبه وقواعده وشواهده بالقراءات -سواء المتواترة أو الآحاد، ما دام ثبتت بالأسانيد الصحيحة- لما توافر لها من الضبط والوثوق والدقة والتحري، وذلك شيء لم يتوافر بعضه لأوثق شواهد النحو[1].
يقول الإمام الفخر الرازي:
"إذا جوَّزنا إثبات اللغة بشعر مجهول، فجواز إثباتها بالقرآن العظيم أَوْلَى، وكثيرًا ما ترى النحويين متحيرين في تقرير الألفاظ الواردة في القرآن، فإذا استشهدوا في تقريرها ببيت مجهول فرحوا به، وأنا شديد التعجب منهم؛ فإنهم إذا جعلوا ورود ذلك البيت المجهول على وفقها دليلًا على صحتها فلأن يجعلوا القرآن دليلًا على صحتها كان أَوْلَى"[2].
وليس غرضنا تصحيح القراءة بقواعد العربية؛ بل [1] راجع: مقدمة كتاب "حجة القراءات" لابن زنجلة، بقلم محققه/ سعيد الأفغاني ص34 وما بعدها، وكتابه "في أصول النحو" ص30-45، وراجع: منجد المقرئين لابن الجزري ص64 وما بعدها. [2] راجع: "الإمالة" للدكتور/ عبد الفتاح شلبي ص309.