نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي جلد : 1 صفحه : 793
وقد سلك الجصاص [1] في تأويل الحديث طريقة أقرب إلى الصواب، وأخفّ في الاستهجان من رد الحديث وإنكاره، والطعن فيه بغير مطعن، قال: وللحديث عندنا وجه صحيح يستقيم على مذهبنا فيما روته من نفي السكنى والنفقة، وذلك أنّه قد روي أنها قد استطالت بلسانها على أحمائها، فأمروها بالانتقال، فلما كان سبب النقلة من جهتها، كانت بمنزلة الناشزة، فسقطت نفقتها وسكناها جميعا اه.
والخطاب في قوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ وقوله تعالى: فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ للأزواج، فاقتضى ذلك بظاهره أنّ السكنى والنفقة إنما تكونان للزوجات المطلقات، لا المتوفى عنهن من الزوجات.
وقد روى الدارقطني [2] بإسناد صحيح عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ليس للحامل المتوفّى عنها زوجها نفقة»
فالمتوفّى عنها غير الحامل أولى ألا يكون لها نفقة.
ولا نعلم خلافا في ذلك إلا ما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما كانا يقولان بوجوب النفقة للمتوفّى عنها من التركة، وظاهر الآية والسنة الصحيحة على خلاف ما يقولان.
فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي فإن أرضعن لكم بعد انقضاء عدتهن بوضع حملهن فأدوا إليهنّ أجورهن على الإرضاع، والتزموا ذلك لهن.
دلّ هذا على أنّ الأمّ إذا رضيت أن ترضع ولدها بأجر المثل، فهي أحقّ به، لوفور شفقتها، فهي أولى بحضانته وإرضاعه من كل أحد، وليس للأب أن يسترضع غيرها حينئذ.
ودلّ على أنّ الأجرة إنما تستحق بالفراغ من العمل، لا بالعقد، لأنّ الله أوجبها بعد الرضاع، بقوله: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
ودلّ أيضا على أنّ نفقة الولد الصغير على أبيه، لأنّه إذا لزمه أجرة الرضاع فكفايته ألزم، ومن ثمّ أجمعوا على ذلك في طفل لا مال له، وألحق به بالغ عاجز كذلك،
لخبر هند بنت عتبة «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» [3] .
وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ أي ليأمر بعضكم بعضا بجميل في الإرضاع والأجر وغيرهما. [1] انظر أحكام القرآن للجصاص (3/ 462) . [2] رواه الدارقطني في السنن (4/ 21) . [3] رواه مسلم في الصحيح (3/ 1338) ، 30- كتاب الأقضية، 4- باب قضية هند حديث رقم (1714) ، والبخاري في الصحيح (3/ 24) ، 34- كتاب البيوع، 44- باب من أجرى أمر الأمصار حديث رقم (2211) .
نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي جلد : 1 صفحه : 793