responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 682
المضروب، فأوجد له تحلّة القسم، وذلك بالضرب بالضغث، ويظهر أنّه لم يكن عنده كفارة اليمين.
وبناء على رأي بعض الأصوليين الذين يقولون: إنّ شرع من قبلنا شرع لنا قال الحنفية: إنّ من حلف ليضرب مئة ضربة، فأخذ حزمة من حطب عدد عيدانها مئة، فضرب بها برّ بيمينه، ولا كفارة عليه، لأنّ الله قد رخّص لأيوب هذا، وجعله غير حانث به، وما دام غير حانث فهو بار، لأنّه لا واسطة بين الحنث والبر، ومن أجل أنّه برّ لا تجب الكفارة، لأن الكفارة في شريعتنا إنّما تجب عند الحنث.
والمالكية- وإن كانوا يقولون بهذه القاعدة الأصولية- ويقولون: هي رخصة خاصة بأيوب، بدليل توجيه الخطاب له، وبما ذكر للترخيص من العلة. ويقول ابن العربي «1»
: إنّما انفرد مالك عن القاعدة لتأويل بديع هو أنّ مجرى الأيمان عند مالك في سبيل النية والقصد أولى، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّما الأعمال بالنيات» [2] ، وقصة أيوب عليه السلام ولم يصح فيها شيء يبيّن كيفية اليمين حتى نلتزم شريعته فيها. انتهى ملخصا فلا معنى لترك ما دلت عليه شريعتنا لشيء لا نعرف ما هو، وشريعتنا تقضي بحمل الأيمان على اللغة، أو على العرف، واللغة لا تجعل الضارب مرة بسوط ذي شعب ضاربا مرات بعدد الشعب، وكذا العرف، فوجب أن نجري على ما هو الحكم عندنا بموجب العرف واللغة.
ولذلك لا يجوز هذا فيمن وجب عليه الحد إذا كان صحيحا، وأما إذا كان مريضا فهذه رخصة في حدّ المريض خاصّة، وإن شئت فقل: إنّها حدّ المريض إذا كان لا يقوى على احتمال الحد، ولذلك نرى أنّ الأولى الأخذ برأي مالك في المسألة خصوصا وأنّ الكفارة شرعت عند إرادة العدول عن مقتضى اليمين إلى ما هو خير، بل لقد قال بعضهم: إنّ المخالفة إلى الخير كفارة.
بقي أنّ بعض العلماء يريد أن يأخذ من هذه الآية مشروعية الحيلة، وسنسمعك شيئا من حججهم، وشيئا من ردّ ابن القيم في كتابه «أعلام الموقعين» عليهم، ونوصيك بقراءته في هذا الموضوع، فهو نفيس.
وقبل أن ننقل لك عن ابن القيم نقول: إنّ الحيلة- كما هو ظاهر من اسمها- ما يقصد به الاحتيال لدفع شيء عن وجهه الذي هو عليه، أو جلبه من غير وجهه الذي

(1) انظر أحكام القرآن للإمام ابن العربي (4/ 1640) .
[2] رواه مسلم في الصحيح (3/ 1515) ، 33- كتاب الإمارة، 45- باب قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال» حديث رقم (155/ 1907) ، والبخاري في الصحيح (1/ 3) ، 1- كتاب الوحي، 1- باب كيف بدء الوحي حديث رقم (1) .
نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 682
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست