نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي جلد : 1 صفحه : 660
الامتثال للأحكام الواردة فيه يتفق فيه الظاهر والباطن، أعقب الله الآيات الواردة فيه بما يجعل الناس في تمام اليقظة، وعلى أشد ما يكون من الحذر، ذلك أنه نبههم إلى أنّ علمه قد أحاط بخفيات النفوس، فضلا عما يظهر منها، وذلك تهديد شديد يقطع ما يخالج النفوس من الوساوس، وما يحيط بها من دوافع الشهوات، فيعمل الناس على الإقلاع عن مجاراة الوساوس، واستئصال نوازع الشهوات، فإنّ الله مطّلع على ما ظهر وما خفي، ومجاز كلّ إنسان بحسب ذلك العلم، ومن ذا الذي يستطيع بعد هذا أن تحدثه نفسه بالدنو من الأذى، والله القادر على الجزاء قد أحاط بكل شيء علما.
قال الله تعالى: لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55) قد فهم مما تقدّم أنّ على نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يحتجبن عن الرجال، ولا يظهرن عليهم، وقد يفهم النصّ على عمومه، فيتناول أقرب الناس إليهنّ، وفي ذلك ما فيه من حرج، بل قد يكون فيه قطع الرحم التي أمر الله أن توصل، فجاءت هذه الآية الكريمة لبيان الأقارب الذين لا يحرم ظهور نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم أمامهم من غير حجاب.
وقد ذكر الله من ذلك ستة أصناف هم: الآباء، والأبناء، والإخوان، وأبناء الإخوان، وأبناء الأخوات، والنساء المضافات إليهن، وما ملكت أيمانهنّ.
وقد بقي من المحارم: الأعمام والأخوال من غير ذكر، وقد ذهب العلماء في ذلك مذاهب:
فمنهم من يرى أنه اكتفي عنهم بذكر الآباء، وقد جرى العرف بإطلاق الأب على العم والخال.
ومنهم من رأى أنّ في ذكر أبناء الإخوان رمزا إلى قرابة العمومة، وفي ذكر أبناء الأخوات رمزا إلى قرابة الخئولة، وذلك أن من يكون ابن أخي المرأة تكون المرأة عمته، ومن يكون ابن أختها تكون هي خالته.
وعجب أن يرى بعض العلماء أنّ عدم التنصيص على الأعمام والأخوال يقتضي وجوب الاحتجاب منهم، ويذهب في التعليل مذهبا أعجب، فيقول: إنّ الأعمام والأخوال لو اطلعوا على النساء فربّما وصفوهنّ لأبنائهم؟
يا هؤلاء! أنتم تتكلمون في نساء متزوجات، هن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهل يريد العم أن يفسد ابنة أخيه على زوجها- وهو المصطفى- ليزوجها لابنه، وهل تقولون:
إنّ الحكم كذلك في سائر النساء، ولا تعدون الأخوال والأعمام محارم في حق النظر، أو تقولون إن ذلك خاص بنساء النبي صلّى الله عليه وسلّم؟! وإذا كان خوف الوصف يصلح علّة للحجاب، فالوصف ممكن في الجميع، لا للأقارب فحسب، بل للأجانب، فكلّ من
نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي جلد : 1 صفحه : 660