responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 524
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ كما يقول مجاهد والكلبي، فإنّهما يقولان: إنّ حقّ الجهاد غاية لا يستطيعها عامّة المكلفين، فإنّها قد تتجاوز الوسع وحد الاستطاعة، ولكنك قد علمت الصواب في ذلك.
وإضافة (حق) إلى (جهاد) في قوله تعالى: حَقَّ جِهادِهِ من إضافة الصفة للموصوف: كما يقال: حق يقين، وشبيه به قولهم فلان حق عالم، وهو جد ذكي، أما إضافة جهاد للضمير في قوله: جِهادِهِ فهي لأدنى ملابسة. وذلك لأنّ هذا الجهاد لما كان مطلوبا لله ومن أجل دينه كان خاصّا به سبحانه وتعالى، فصحّ أن تقع فيه هذه الإضافة التي تفيد اختصاص المضاف بالمضاف إليه وأصله: وجاهدوا في الله حق جهادكم فيه، فحذف المضاف إليه، والجار للضمير فاتصل الضمير بالمضاف.
هُوَ اجْتَباكُمْ الاجتباء: الاصطفاء والاختيار. وهذه الجملة واقعة في مقام التعليل للأمر بالجهاد، فالله وفّق المسلمين لقبول الإسلام، واختارهم لدينه، وشرّفهم بأن يكونوا خدام شريعته، يقيمونها، ويحفظونها ممن يريدها بتحريف أو عدوان، فجدير بمن اختارهم الله لهذا الأمر العظيم أن يبذلوا كل ما عندهم من استطاعة في حماية دينه، وألا يهملوا رعايته، أو يهنوا في حراسته، ولا شكّ أنّ الحكم بأنه سبحانه قد اجتبى المسلمين لذلك، من خير ما يبعثهم على أن يجاهدوا في الله حق الجهاد.
وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ الحرج: الضيق كما فسره بذلك ابن عباس ومجاهد.
أكد الله بهذا وجوب الجهاد على الناس، ولزوم محافظتهم على الدين الذي اختارهم لحمايته، فإنّه نفى أن يكون في أحكامه شيء من العسر والشدة التي تضيق بها صدورهم، ولا تتسع لها قدرهم، وإذا كان الأمر كذلك فلا يكون هناك مانع يمنعهم من مراعاتها، كما لا يكون لهم عذر إذا تهاونوا فيها، ولم يقوموا بخدمتها حق القيام، ما دام قد تحقّق المقتضى للجهاد، وهو اجتباؤهم، وانتفى المانع، وهو الحرج في التكاليف، وأنت خبير بأن هناك فرقا كبيرا بين المشقة في الأحكام الشرعية وبين الحرج والعسر فيها، فإنّ الأولى حاصلة، قلما تخلو عنها التكاليف، فإنّ التكليف هو إلزام ما فيه كلفة ومشقة.
أما المشقة الزائدة التي تصل إلى حد الحرج فهي المرفوعة عن المكلفين فقد فرض الله الصلاة على المكلف في اليوم خمس مرات، وأوجب عليه أن يؤديها من قيام، وهذا شيء لا حرج فيه، ثم هو إذا لم يستطع الصلاة من قيام فله رخصة أن يصلي من قعود، أو بالإيماء. وكذلك شريعة الصيام لا تصل فيها المشقة إلى درجة العسر، إذ إن المفروض على الناس صيام شهر في كل عام، ومع ذلك فقد رخّص الله

نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست