نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي جلد : 1 صفحه : 284
وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ.
هذا هو القسم الثاني من قسمي النساء اللاتي جعل الله للرجال حق القيام عليهن، كما سبق، وهو خطاب للأزواج، وإرشاد لهم إلى طريق القيام عليهن.
وأصل الخوف فزع القلب عند الشعور بحدوث أمر مكروه في المستقبل، وقد يتوسع فيه، فيستعمل بمعنى العلم، لأنّ خوف الشيء إنما يكون للعلم بموقعه، وقد علمت أنّ النشوز هو العصيان، وظاهر الآية ترتب العقوبات المذكورة على خوف النشوز، وإن لم يقع النشوز بالفعل، وهو بعيد، لذلك أوّل العلماء هذه الآية عدة تأويلات، فمنهم من فسّر الخوف بالعلم، ومنهم من قدر مضافا: تخافون دوام نشوزهن، أو أقصى مراتب نشوزهن.
ومنهم من قدر معطوفا محذوفا: تخافون نشوزهن ونشزن.
ومنهم من أبقى الخوف على أصله، وجعل جزاءه الوعظ فقط، تخافون نشوزهن بظهور أماراته، كخشونة بعد لين، وتعبيس بعد طلاقة، وإدبار بعد إقبال، ومتى ظهرت هذه الأمارات كان للزوج أن يعظها فقط، ويخوّفها عقوبة الدنيا وعقوبة الآخرة، فإن لم تمتثل كان ذلك نشوزا محققا، وله فيه الوعظ والهجران والضرب.
والمراد بالوعظ أن يقول لها مثلا: اتقي الله! فإنّ لي عليك حقا، وارجعي عما أنت عليه، واعلمي أن طاعتي فرض عليك ونحو ذلك.
واختلفوا في معنى الهجران في المضاجع، فقيل: إنه كناية عن ترك جماعهن، وقيل: المراد تركهنّ منفردات في حجرهنّ ومحل مبيتهن، فيكون في ذلك ترك جماعهن وترك مكالمتهن، ولا يزيد في هجر الكلام عن ثلاثة أيام.
وفسر العلماء الضرب المباح بأنه الضرب غير المبرح،
أخرج الجصاص [1] عن جابر بن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه خطب بعرفات في بطن الوادي فقال: «اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله، وأن لكم عليهنّ ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» .
وأخرج ابن جرير [2] نحوه، وروى ابن جريج عن عطاء قال: الضرب غير المبرح بالسواك ونحوه، ومثله عن ابن عباس، وقال سعيد عن قتادة: ضربا غير شائن [3] . [1] أخرجه الإمام أبو بكر الجصاص في كتابه أحكام القرآن (2/ 189) . [2] رواه ابن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان المشهور بتفسير الطبري (5/ 44) . [3] المرجع نفسه (5/ 44) .
نام کتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس نویسنده : السايس، محمد علي جلد : 1 صفحه : 284