فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإنّي وقيّار بها لغريب
وقالوا في نصب (المقيمين) بأقاويل: قال بعضهم: أراد بما أنزل إليك وإلى المقيمين. وقال بعضهم: وما أنزل من قبلك ومن قبل المقيمين، وكان الكسائي يرده إلى قوله: يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ [البقرة: 4] أي: ويؤمنون بالمقيمين، واعتبره بقوله في موضع آخر: يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ أي بالمؤمنين. وقال بعضهم: هو نصب على المدح. قال أبو عبيدة [1] : هو نصب على تطاول الكلام بالنّسق، وأنشد للخرنق بنت هفّان [2] :
لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر
النازلين بكلّ معترك ... والطيّبون معاقد الأزر
ومما يشبه هذه الحروف- ولم يذكروه- قوله في سورة البقرة: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ [البقرة: 177] . والقرّاء جميعا على نصب الصابرين إلا عاصما الجحدري فإنه كان يرفع الحرف إذا قرأه، وينصبه إذا كتبه، للعلّة التي تقدم ذكرها.
واعتل أصحاب النحو للحرف، فقال بعضهم: هو نصب على المدح، والعرب تنصب على المدح والذم، كأنهم ينوون إفراد الممدوح بمدح مجدّد غير متبع لأوّل
(قير) ، ومعاهد التنصيص 1/ 186، والمقاصد النحوية 2/ 318، ونوادر أبي زيد ص 20، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 103، وأوضح المسالك 1/ 358، ورصف المباني ص 267، وسر صناعة الإعراب ص 372، وشرح الأشموني 1/ 144، ومجالس ثعلب ص 316، 598، وهمع الهوامع 2/ 144. [1] أبو عبيدة: هو الحافظ أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي البصري المنشأ، بغدادي الدار والوفاة، الفقيه اللغوي الأخباري، ولد سنة 110 هـ، وتوفي سنة 203 هـ، له العشرات من المصنفات، منها: «إعراب القرآن» ، «مجاز القرآن» ، «الجمع والتثنية» ، «غريب الحديث» ، «غريب القرآن» ، «كتاب الأضداد» في اللغة، «كتاب الشعر والشعراء» ، «كتاب اللغات» ، «كتاب المجاز» ، «معاني القرآن» ، وغيرها الكثير (كشف الظنون 6/ 466- 467) . [2] البيتان من الكامل، وهما في ديوان الخرنق بنت بدر بن هفان ص 43، والأشباه والنظائر 6/ 231، وأمالي المرتضى 1/ 205، والإنصاف 2/ 468، وأوضح المسالك 3/ 314، والحماسة البصرية 1/ 227، وخزانة الأدب 5/ 41، 42، 44، والدرر 6/ 14، وسمط اللآلي ص 548، وشرح أبيات سيبويه 2/ 16، وشرح التصريح 2/ 116، والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 64، ولسان العرب (نضر) ، والمحتسب 2/ 198، والمقاصد النحوية 3/ 602، 4/ 72، وأساس البلاغة (أزر) ، والبيتان بلا نسبة في رصف المباني ص 416، وشرح الأشموني 2/ 399.