والعير يرهقهما الغبار وجحشها ... ينقضّ خلفهما انقضاض الكوكب
وقال أوس بن حجر، وهو جاهلي [1] :
وانقضّ كالدّرّيّ يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا
وقال عوف بن الخرع، وهو جاهلي [2] :
يردّ علينا العير من دون أنفه ... أو الثّور كالدّرّيّ يتبعه الدّم
وفي أيدي الناس كتب من كتب الأعاجم وسيرهم: تنبىء عن انقضاض النجوم في كلّ عصر وكلّ زمان.
ثم قالت الجن: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ حين اشتدت حراسة السماء من استراق السمع أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً [الجن: 10] أي خيرا.
ثم قالت الجن: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ بعد استماع القرآن: وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ أي:
منّا بررة أتقياء، ومنا دون البررة، وهم مسلمون وكُنَّا طَرائِقَ قِدَداً [الجن: 11] أي:
أصنافا، وكلّ فرقة قدّة، وهي مثل قطعة في التقدير وفي المعنى، فكأنّهم قالوا: نحن أصناف وقطع.
ثم قالت الجن: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ [الجن: 14] أي: الكافرون، الآية. وانقطع كلام الجن.
وقال الله تعالى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (16) [الجن: 16] أي: لو آمنوا جميعا لوسّعنا عليهم في الدنيا. وضرب الماء الغدق، وهو الكثير، لذلك مثلا، لأنّ الخير والرّزق كلّه بالمطر يكون، فأقيم مقامه إذ كان سببه، على ما أعلمتك في المجاز.
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ [الجن: 17] . أي لتختبرهم فنعلم كيف شكرهم.
وفيه قول آخر، يقول: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا [الجن: 16] جميعا على طريقة الكفر: لوسّعنا عليهم وجعلنا ذلك فتنة لهم و (أن) منصوبة منسوقة على ما تقدّم من قوله سبحانه.
الحيوان 6/ 273، 279. [1] البيت من الكامل، وهو لأوس بن حجر في ديوانه ص 3، ولسان العرب (درأ) ، وتهذيب اللغة 14/ 158، وتاج العروس (درأ) ، والمعاني الكبير 2/ 738، وكتاب الحيوان 6/ 274. [2] البيت من الطويل، وهو لعوف بن الخرع في كتاب الحيوان 6/ 275، والمعاني الكبير 2/ 739.