وتعلق الكلام عبارة عن كشف العالم ما شاء من علمه لمن شاء، والله تعالى متصف بكمال العلم والتعليم، وكمال الكلام والتكليم، وان هذا وغيره مما وصف الله به نفسه في كتابه لا ينافي كمال تنزيله عما لا يليق به من نقائص عباده ولا يقتضي مماثلته لهم فيما وهبهم من كمال فان الاشتراك في الأسماء لا يقتضي الاشتراك بالمسميات، وأسماء الأجناس المقولة في التشكيك في الممكنات مختلفة من وجوه كثيرة، منها النقص والكمال فكيف بها إذا كانت مشتركة في الخالق والمخلوقات فذاته تعالى أكمل من ذواتهم ووجوده أعلى من وجودهم وصفاته أسمى من صفاتهم وهو أعلم ورسوله أعلم منهم بصفاته وأفعاله، فعليك أن تؤمن بما صح عنهما من اثبات ونفي من غير زيادة ولا نقصان، بلا تعليل ولا تشبيه، ولا تمثيل ولا تأويل، وليس عليك ولا لك أن تحكّم رأيك وعقلك في كنه ذاته وصفاته، ولا في كيفية مناداته وتكليمه لرسله، ولا في كنه ما هو قائم به وما يصدر عنه، وعلى هذا كان أصحاب الرسول والسلف الصالح من التابعين والعلماء وأئمة الحديث والفقه، قبل ظهور بدعة المتكلمين الذين قسموا كلام الله إلى نفس قديم قائم بذاته ليس بحرف ولا صوت ولا ترتيب ولا لغة، وإلى كلام لفظي وهو المنزل على الأنبياء عليهم السلام ومنه الكتب الأربعة، واختلافهم فيها في كونها مخلوقة أو غير مخلوقة، والصحيح الذي لا غبار عليه ان كلام الله تعالى بالمعنى الأول غير مخلوق لأنه قائم بذاته تعالى وبالمعنى الثاني وهو المقروء في البشر الدال على الصفة القائمة به فلا بأس بأن يقال مخلوق.
لأن قراءتهم له مشتملة على حروف وأصوات وترتيب ولغة وهو صورة حادثة عن كلامه القديم ومظهر من مظاهر التنزيل.
مطلب الطوائف المخالفة ونسبة القرآن للكتب الاخرى:
واتفقت المعتزلة على أن كلام الله مركب من الحروف والأصوات وأنه محدث مخلوق وأنه خالق لكلامه ثم اختلفوا في معنى الكلام والحدوث على أقوال كثيرة وكذلك الطوائف الاخرى كالامامية والخوارج والحشوية والكرامية والواقفية اختلفت في كونه قديما أزليا اولا، وفي كونه جوهرا أم عرضا، وكل انتصر لمذهبه، ونظرا لمخالفتها لأقوال أهل السنة والجماعه وعدم جواز الأخذ بشيء منها أعرضت عن نقلها وإذا أردت الوقوف على أحوال هذه الطوائف