أن له أجلا لا يتعداء لحظة إذا سألتم استعجاله أو تأخيره مهما استغثتم به منه «يا بَنِي آدَمَ إِمَّا» هي إن الشرطية ضمت إليها ما فأدغمت لتأكيد الشرط ولذا لزمت الفعل الذي يليه النون الثقيلة والخفيفة مثل «يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ» من جنسكم لا من الملائكة «يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي» من أوامر ونواهي وقصص وأمثال، وجواب الشرط «فَمَنِ اتَّقى» ما نهي عنه واعتبر بما وقع على الأولين «وَأَصْلَحَ» نفسه باتباع ما أمر به واتعظ بما قص عليه «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» في الآخرة مما يخافه المجرمون «وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ 35» على ما فاتهم في الدنيا، لأنهم يرون من نعيم الآخرة الدائم ما ينسيهم تلك الزخارف الدنيوية المموهة الفانية المشوبة بالأكدار المصاحبة للهم والغم المتناولة بالكد والتعب، وهي إن خلت من حرام فلا تخلو من مشبوه كما لا يخلو أهلها من كذب وكبر والله تعالى يقول «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها» ولم يؤمنوا برسلنا استعظاما عليهم وماتوا على كفرهم «أُولئِكَ» الذين هذه صفاتهم وهذا شأنهم وديدنهم هم «أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ 35» لا يخرجون منها أبدا «فَمَنْ أَظْلَمُ» واشنع وأفظع ظلما «مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» أي تقول عليه ما لم يقله اختلاقا من لدنه من تحريم ما لم يحرم «أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ» المنزلة على رسوله المصرّحة بعدم الشريك والمثيل والولد والصاحبة له جلّ شأنه «أُولئِكَ» الذين هذه سجيتهم «يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ» اللوح المحفوظ المدون فيه كل ما عملوا وهو حظهم مما قدر عليهم فيه وما قدر لهم في الدنيا من الرزق والعمر والبلاء «حَتَّى إِذا» فرغ ما لهم عنده من ذلك كله حتى الهواء «جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ» فيسألونهم سؤال توبيخ وتبكيت لا استعلام «قالُوا» لهم رسل الموت «أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» من الآلهة التي كنتم تعبدونها وتلجأون إليها في مهامّكم وعند الشدة، ادعوهم الآن ليدفعوا عنكم الموت «قالُوا» المتوفون المكذبون «ضَلُّوا عَنَّا» غابوا وتركونا عند أشد حاجتنا إليهم وقد تبين لنا الآن عدم نفعهم وإنا كنا مغرورين بهم ولا ندري أين هم الآن، وذلك بعد أن استعانوا بهم فلم يردوا