وما قيل إنها بالإسكندرية أو الشام ينافيه سياق الآيات إلا أن يقال ما هنا يراد به عادا الأولى وما في الأحقاف الأخيرة ويلزم أيضا عدم اتحاد منازلهما لأن بينهما مسافات عظيمة بعيدة عن التوفيق. وفي هذه الآية تخويف للكافرين وهو أنه تعالى الذي أهلك هؤلاء الذين كانوا أشد منكم يا أهل مكة قوة وأكثر أموالا وأولادا قادر على إهلاككم، راجع تفسير الآية 15 من قسم السجدة في ج 2 أي سورة فصلت، وكانوا مع ذلك جسيمين طوالا، قالوا
وسميت ذات العماد لأن عادا كان له ابنان شداد، وشديد، فلما مات شديد خلص الملك إلى شداد ودانت له ملوك الأرض وكان يقرأ الكتب القديمة فلما جاء على ذكر الجنة قال سأبني مثلها فبنى بناية عظيمة في مجارى عدن استغرقت ثلاثمائة سنة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت وشجرها من جميع أصناف الأشجار ونسّق فيها الأنهار. وعند ما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته وكانت على مسيرة يوم وليلة فبعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا جميعا، روى وهب بن منبه عن عبد الله ابن قلابة أنه خرج في طلب إبل له شردت فبينما هو يسير في مجارى عدن إذ وقع على مدينة في تلك الفلوات عليها حصن، وحول الحصن قصور كثيرة، فلما دنا منها ظن أن فيها أحدا ليسأله عن إبله، فلم ير داخلا فيها ولا خارجا منها، فنزل عن دابته وعقلها وسل سيفه خوفا من أن يصادفه فيها أحد فيقاتله، ودخل من باب المدينة فإذا هو ببابين خطيرين مرصعين بالياقوت الأحمر، فدهش وفتح الباب ودخل فإذا هو بمدينة لم ير أحد مثلها وإذا فيها قصور في كل قصر منها غرف فوقها غرف مبنية بالذهب والفضة، ومرصعة بأحجار اللؤلؤ والياقوت، وإذا أبواب تلك القصور مثل مصاريع باب المدينة يقابل بعضها بعضا، وكلها مفروشة باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران، فلما عاين ذلك ولم ير أحدا هاله ما رأى ثم نظر الى الأزقة فاذا فيها أشجار مثمرة وتحت الأشجار انهار مطرّدة يجري ماؤها في قنوات من فضة، فقال في نفسه هذه الجنة وحمل معه من لؤلؤها وترابها وبنادق مسكها وزعفرانها ورجع الى اليمن وأظهر ما كان معه، وحدث بما رأى، فبلغ ت (10)