أصلاب آبائهم" [1] رواه مسلم وأصحاب السنن.
4:
ولما توفي عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- قالت أم العلاء -امرأة من الأنصار: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وما يدريك أن الله أكرمه"؟! فقال: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ قال: "أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير. والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي". قالت: فو الله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا[2]. رواه البخاري والإمام أحمد. ومصداقه في كتاب الله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [3].
أتراه لو كان حين يتحامى الكذب يتحاماه دهاءً وسياسة، خشية أن يكشف الغيب قريبًا أو بعيدًا عن خلاف ما يقول، ما الذي كان يمنعه أن يتقول ما يشاء في شأن ما بعد الموت وهو لا يخشى من يراجعه فيه، ولا يهاب حكم التاريخ عليه؟! بل منعه الخلق العظيم، وتقدير المسئولية الكبرى أمام حاكم آخر أعلى من التاريخ وأهله {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ، فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [4].
واعلم أنك مهما أزحت عن نفسك راحة اليقين وأرخيت لها عنان الشك وتركتها تفترض أسوأ الفروض في الواقعة الواحدة والحادثة الفذة من هذه السيرة المكرمة فإنك متى وقفت منها على مجموعة صالحة لا تملك أن تدفع هذا اليقين عن نفسك إلا بعد [1] قال العلماء: إن هذا التوقف كان قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، في صحيح مسلم عن عائشة أم المؤمنين، ك/ القدر، ب/ معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت "4813".
ورواه أبو داود عن عائشة أم المؤمنين، ك/ السنة، ب/ في ذراري المشركين "4090". [2] رواه البخاري عن خارجة بن زيد بن ثابت، ك/ الجنائز، ب/ الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في ... "1166". [3] سورة الأحقاف: الآية 9. قال العلماء: وكان هذا قبل أن يوحى إليه صدر سورة الفتح {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} . [4] سورة الأعراف: الآية 6 وما بعدها.