فلح الفَلْحُ: الشّقّ، وقيل: الحديد بالحديد يُفْلَحُ[2] ، أي: يشقّ. والفَلَّاحُ: الأكّار لذلك، والفَلَاحُ: الظَّفَرُ وإدراك بغية، وذلك ضربان:
دنيويّ وأخرويّ، فالدّنيويّ: الظّفر بالسّعادات التي تطيب بها حياة الدّنيا، وهو البقاء والغنى والعزّ، وإيّاه قصد الشاعر بقوله:
356- أَفْلِحْ بما شئت فقد يدرك بال ... ضعف وقد يخدّع الأريب «3» وفَلَاحٌ أخرويّ، وذلك أربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعزّ بلا ذلّ، وعلم بلا جهل. ولذلك قيل: «لا عيش إلّا عيش الآخرة» [4] وقال تعالى:
وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ [العنكبوت/ 64] ، أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
[المجادلة/ 22] ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى
[الأعلى/ 14] ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [الشمس/ 9] ، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون/ [1]] ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة/ 189] ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [المؤمنون/ 117] ، فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر/ 9] ، وقوله: وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى [طه/ 64] ، فيصحّ أنهم قصدوا به الفلاح الدّنيويّ، وهو الأقرب، وسمّي السّحور الفَلَاحَ، ويقال: إنه سمّي بذلك لقولهم عنده: حيّ على الفلاح، وقولهم في الأذان: (حي على الفَلَاحِ) أي: على الظّفر الذي جعله الله لنا بالصلاة، وعلى هذا قوله (حتّى خفنا أن يفوتنا الفلاح) [5] ، أي: الظّفر الذي جعل لنا بصلاة العتمة. [1] سورة الواقعة: آية 65. والقول الأصلح في الآية أنها بمعنى تتندمون أو تعجبون، لأنّ أوّل الآية: لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ. [2] انظر: المجمل 3/ 705، واللسان (فلح) ، والأمثال ص 96.
(3) البيت لعبيد بن الأبرص، من قصيدة له مطلعها:
أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيّات فالذّنوب
وهو في ديوانه ص 26، وتفسير القرطبي 1/ 182. [4] الحديث عن أنس بن مالك قال: قالت الأنصار يوم الخندق:
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا
فأجابهم النبي صلّى الله عليه وسلم: لا عيش إلا عيش الآخرة، فأكرم الأنصار والمهاجرة» . أخرجه البخاري في فضائل الصحابة 7/ 90، ومسلم برقم 1805، وأحمد 3/ 170. [5] شطر من حديث وفيه: «فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور. قال: ثم لم يقم بنا شيئا من بقية الشهر» .
أخرجه أبو داود برقم (1375) ، وابن ماجة 1/ 420، والنسائي 3/ 83: باب من صلّى مع الإمام حتى ينصرف، وأحمد 5/ 160.
نام کتاب : المفردات في غريب القرآن-دار القلم نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 644