responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 91
اقرأ قوله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ، فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 20، 21] ، هذه القصة بسياقها كل لفظ منها ينبئ عن معنى اللهفة والحذر، فهذا الرجل الناصح الأمين تجده يسعى من أقصى المدينة، والتعبير بأقصى يدل على المحبة الخالصة الطيبة، ثم كلمة يسعى تدل على أنه جاء عدوًا لا قرار عنده ولا اطمئنان، وقوله: {إِنَّ الْمَلَأ} ، وهو كبار القوم يدبرون الأمر ليقتلوك.
واستجاب موسى لنصيحة الرجل الأمين، فخرج خائفًا يترقب "انظر إلى كلمة يترقب" فهو ينظر يمينًا وشمالًا وأمامًا وخلفًا يترقَّب من يأتيه من أمامه، ومن يأتيه من ورائه، ومن يأتيه من شماله ومن يمينه، وكلمة يترقب تصور تلك الحال، وتصور النفس المحترسة الآخذة تجدها في اطمئنان نفسي، واحتراس من غير اضطراب، فالمترقب الخائف غير المضطرب الخائف؛ لأن الخائف المضطرب لا يحسن الترقب ولا الحذر، فيصيبه الهلع فيخاف من غير مخوف، ويقع بهلعه وفزعه فيما يخشاه، ولفظ القرآن الكريم ينبئ عن هذه المعاني السامية، والكلمات صور لمعانٍ حسية ومعنوية، ظاهرة وباطنة، والله سبحانه السميع العليم والحكيم الذي أنزل كتابه المبين الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

الكلمة مع أخواتها والعبارات مع رفيقاتها:
54- قلنا: إن للكلمة إشراقًا خاصًّا، فكل كلمة لها إشعاع فكري، ولكنها لا يبدو منها ذلك الإشعاع والبلاغة البيانية إلا مع أخت لها تناسبها، وتتلاقى فكريًّا معها، فمثلًا كلمة -تنفس- التي ذكرناها في قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس} لا ينبعث منها ذلك الإشعاع الفكري إلّا إذا كانت كلمة الصبح معها، فلا بُدَّ لكي يكون ذلك الإشعاع المعنوي صحيحًا واضحًا مؤديًا إلى غايته من أن يكون مقترنًا بالصبح، ومع أن الإشعاع منها وحدها، إلّا أنه لا يضيء إلا مع كلمة الصبح، وكلمة الصبح تفترق عن كلمة الفجر، إلّا إذا كان يتبعه التنفس والإسفار، فالصبح والتنفس متلازمان، وإن كان كل منهما مؤديًا معنى مستقلًّا، والتلازم كان بألا يتبين ذكل المعنى الاستقلالي إلا بضم الأخرى إلى الأولى.
وذلك ما أشرنا إليه في ابتداء الكلام في بلاغة الكلمة القرآنية، وما ارتضاه الجرجاني الذي حمل عبئ القول عن نفي بلاغة اللفظ المنفرد، فقيد نفيه بأن يكون مستقلًّا منفردًا، فإذا انضم إلى غير بدت بلاغة الكلمة في أنه يكون لها صورة بيانية وبانضمامها تكون لها صورة بيانية من الهيئة المجتمعة.

نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست