responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 88
لقد قال تعالى في سورة الدخان في تصوير غذاء المشركين يوم القيامة، وترى كل كلمة من النص تبيّن صورة مؤلمة مزعجة لما يتناولون، ويشترك في الصورة نغمة الكلمات ونسقها وتآخيها.
اقرأ قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ، طَعَامُ الْأَثِيمِ، كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ، كَغَلْيِ الْحَمِيمِ، خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ، ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ، ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 43- 49] .
ولننظر إليها، ونبيّن ما فيها من صورة بيانية تتخذ منها ومن أخواتها صورة بيانية لأغلظ عيش وأقسى حياة، وكيف يكون الغذاء كله إيلامًا لا إشباع فيه، وإيذاء لا متعة معه، ثم يختم القول بتهكُّم على من كان يحسب نفسه عزيزًا كريمًا، والمؤمنين أراذل منبوذين.
أولى هذه الكلمات شجرة الزقوم، وهذا استعمال قرآني لم يكن كثيرًا عند العرب، وإن كان أصل اشتقاقه من لغتهم، والزقّوم صيغة مبالغة من الزقم، الزقم إعطاء الطعام الكريه أو الأمر الكريه، ويقال: تزقَّم إذا ابتلع شيئًا كريهًا غير مرغوب فيه، بل تنفر عنه الطباع وتستكرهه.
فشجرة الزقوم الشجرة التي لا تثمر إلّا ثمرًا كريمًا تعافه النفوس، ولا يناله المتناول إلَّا مكرهًا بإكراه من ذي جبروت، أو من جوع، أو من يكون في حال من يريد تناول أيَّ شيء مهما يكن ذلك الشيء، ومهما يكن مذاقه، ومهما تكن وباءته، والتعبير بشجرة الزقُّوم فيه إشارة إلى أنَّه طعام مثمر مستمر؛ لأن ثمراته الوبيئة الكريهة لا تنقطع، فهي شجرة دائمة الإثمار.
وفي هذه الآية يذكرها، وفي آية أخرى يذكر سبحانه أنَّها تنبت في أصل الجحيم، فهي من ثمرات شجر جهنم، وفي ذلك تصوير لحال الطعام، وتصوير لحال المقام، وكيف أنَّ المترف في الدنيا يتنقَّل من وادٍ نيراني إلى وادٍ مثله، وكل حياته منها، فإقامته فيها، وغذاؤه من ثمار أشجارها، وبئس مثوى الكافرين.
الكلمة الثانية: طعام الأثيم، يقول الذين تكلموا في ألفاظ القرآن: إنَّ الإثم الأمر المبطئ عن الخير المعوق عنه أو المؤخّر له، وعبَّر عنها بكلمة أثيم، وهي صيغة مبالغة من أثِم، وصفة مشبهة تدل على حال دائمة مستمرة، فهي تدل على أنه فعل الإثم كثيرًا، ولذلك وصف بصيغة الصفة المشبهة، وهو حال دائمة عنده؛ إذ الصفة المشبهة تقتضي أن يكون الموصوف بها في حال دائمة في صفتها لا تفارقه ولا يفارقها، وهنا معنيان كلاهما يدل على بلاغه اللفظ، وعظم مؤداه:
أول المعنيين: ذكر الوصف الذي يشير إلى أنَّ سبب ذلك الجزاء هو الإثم الدائم الكثير الذي كان منه في الدنيا، فالجزاء من جنس العمل، والعدل يقتضي ألَّا يتساوى المسيء بالمحسن، هل يستوي الأعمى والبصير؟

نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست