نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 237
وهو ألَّا يكون اعتداء بأي نوع، أما كلمة العرب فلا تتجاوز المنع، وهو أن القتل يمنع القتل.
وأيضًا فإنَّ كلمة القصاص فيها معنى المساواة بين الجناية وعقوبتها، "والقتل أنفى للقتل" لا تستدعي بظاهر لفظها أن يكون القتل بالمساواة، بل لا تمنع أن يكون القتل اعتداء، والنص القرآني السامي الذي لا يسامي فوق كل ما يدخل من معانٍ على كلمة القتل أنفى للقتل.
هذا ما بدا لنا من زيادة كلمة القرآن من معانٍ على كلمة العرب، ولنعد من بعد إلى ما قاله الرماني في هذا المقام فهو يقول:
"وظهور إعجازه في الأمور التي نبينها يكون بإجماع أمور يظهر بها للنفس أن الكلام من البلاغة في أعلى طبقة، لإيجازه وحسن رونقه، وعذوبة لفظه، وصحة معناه، كقول علي -رضي الله عنه: قيمة كل امرئ فيما يحسنه، فهذا كلام عجيب، يغني ظهور حسنه عن وصفه، فمثل هذه الشذرات لا يظهر بها حكم، فإذا انتظم الكلام، حتى يكون كأقصر سورة أو أطول آية ظهر حكم الإعجاز، كما وقع التحدي في قوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} ، فبان الإعجاز عند ظهور مقدار السورة".
ومؤدَّى هذا الكلام أنَّ الإعجاز القرآني ربما لا يبدو في الكلمة أو الجملة مقطعة مقطوعة من سابقتها ولاحقتها، ولو كانت الجملة إيجازًا إنما يبدو في السورة أو الطائفة من القرآن، ونحن نخالف الرماني في ذلك، فإن كلمات القرآن مع أخواتها لها إشعاع من المعاني يثير الخيال، والمتأمّل في معانيها ما دامت الجملة مستقلة في دلالتها، تأتي بمعان مفيدة، مثل قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18] وكقوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} [الشمس: 1-3] فكل جملة من هذه الجمل لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها.
ولقد ختم الرماني كلامه في الإيجاز بذكر فضله وخواصه، فقال -رضي الله تعالى عنه:
"وإذا عرفت الإيجاز ومراتبه، وتأمّلت ما جاء في القرآن منه عرفت فضيلته على سائر الكلام، وهو علوه على غيره من سائر الكلام، وعلوّه على غيره من أنواع البيان، والإيجاز تهذيب الكلام بما يحسن به البيان، والإيجاز تصفية الألفاظ من الكدر، وتخليصها من الدرن، والإيجاز البيان عن المعنى بأقل ما يمكن من الألفاظ، والإيجاز إظهار المعنى الكثير باللفظ اليسير، والإيجاز والإكثار إنما هما في المعنى الواحد، وذلك ظاهر في جملة العدد وتفصيله كقوله القاتل: إنَّ عنده خمسة وثلاثة واثنين في موضع عشرة، وقد يطول الكلام في البيان عن المعاني المختلفة وهو مع ذلك في نهاية
نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 237