نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 228
أُخْرَى، لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 1-7] .
وإنك ترى في هذا النص الكريم المعاني الكثيرة، فهي تكاد تشتمل على أحكام المطلقات، وفيها إشارة إلى بعض أحكام عدة المتوفَّى عنهنَّ أزواجهن.
وإن الألفاظ ليست قليلة، ومن المؤكد أنه لا زيادة فيها، بل تخلل الإيجاز بعضها.
وإن أكثر آيات الأحكام فيها ذلك الإطناب الذي لا تزيد فيه الألفاظ عن المعاني، لأنَّها تتعرض لما يكلف الله تعالى عباده، ولا بُدَّ أن يكون ذلك واضحًا للمكلف كل الوضوح حتى لا يكون في ذلك موضع إبهام تكون فيه معذرة للمكلف، بل إنه بيان الله تعالى الشامل الذي لا إيهام فيه، ولا مظنَّة لإبهام، اقرأ قوله تعالى في تحريم الخمر، إذ أطنب سبحانه فقد قال -تعالت كلماته: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ، لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْ وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 90-93] .
وإننا نرى القرآن الكريم يأتي بالإطناب الذي لا زيادة فيه في آيات الأحكام كما أشرنا بذلك، وتلونا من كتاب الله تعالى، فإنك لا تجد أن حكمًا أصليًّا يأتي به القرآن يكتفي فيه بالإشارة عن العبارة، وباللازم عن الملزوم، بل كل ذلك صريح في القرآن الكريم، ولكنَّ الفقهاء في استنباطهم كانوا يأخذون أحكامًا من إشارات العبارات وكناياتها، كما رأينا فيما استنبطوه من قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} فإنهم فهموا منه أن الولد لأبيه، وأن له حق التربية، وأخذ الفقهاء من إشارات العبارات كثيرًا في أبواب الفقه، وعد ذلك من بلاغة القرآن الكريم.
وإن أخذ الأحكام بطريق الإشارة دون العبارة لا يمنع أنه لم يكتف بذكر الملزوم في بيان الحكم الأصلي، وإن ذلك ثمرات الحكم الأصلي فهمت منه، وأما الأصل فلم يفهم إلا بالعبارة الواضحة.
هذا، ومن مواضع الإطناب الواضح في القرآن الكريم القصص القرآني في مواضع العبرة، وتسلية النبي -صلى الله عليه وسلم- ببيان ما نزل بالأنبياء السابقين، وما لاقوا من أقوامهم،
نام کتاب : المعجزة الكبرى القرآن نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 228