نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين جلد : 1 صفحه : 53
فسأله فقال: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وهذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره فقال: قد كنتُ أقول: ما يعجبنى جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمتُ أنه أوتِىَ علماً.
هذه هى أهم الأسباب التى ترجع إليها شهرة ابن عباس فى التفسير، يضاف إلى ذلك كونه من أهل بيت النبوة، منبع الهداية، ومصدر النور، وما وهبه الله من قريحة وقَّادة، وعقل راجح، ورأى صائب، وإيمان راسخ، ودين متين.
* *
*قيمة ابن عباس فى تفسير القرآن:
تتبين قيمة ابن عباس فى التفسير، من قول تلميذه مجاهد: "إنه إذا فسَّرَ الشئ رأيتَ عليه النور"، ومن قول علىّ رضى الله عنه يُثنى عليه فى تفسيره: "كأنما ينظر إلى الغيب من سِتر رقيق"، ومن قول ابن عمر: "ابن عباس أعلم أُمَّة محمد بما نزل على محمد"، ومن رجوع بعض الصحابة وكثير من التابعين إليه فى فهم ما أشكل عليهم من كتاب الله، فكثيراً ما توجَّه إليه معاصروه ليزيل شكوكهم، ويكشف لهم عما عَزَّ عليهم فهمه من كتاب الله تعالى. ففى قصة موسى مع شعيب أشكل على بعض أهل العلم، أى الأجلين قضى موسى؟ هل كان ثمان سنين؟ أو أنه أتم عشراً؟ ولما لم يقف على رأى يمم شطر ابن عباس، الذى هو بحق ترجمان القرآن، ليسأله عما أشكل عليه، وفى هذا يروى الطبرى فى تفسيره، عن سعيد بن جبير قال: "قال يهودى بالكوفة - وأنا أتجهز للحج - إنى أراك رجلاً تتبع العلم، فأخبرنى أى الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم، وأنا الآن قادم على حَبْر العرب - يعنى ابن عباس - فسائله عن ذلك، فلما قدمتُ مكة سألتُ ابن عباس عن ذلك وأخبرته بقول اليهودى، فقال ابن عباس: قضى أكثرهما وأطيبهما، إنَّ النبى إذا وعد لم يُخلف، وقال سعيد: فقدمتُ العراق فلقيتُ اليهودى فأخبرته فقال: صدق وما أُنزِلَ على موسى، هذا واللهِ العالِم.
وهذا عمر رضى الله عنه يسأل الصحابة عن معنى آية من كتاب الله، فلما لم يجد عندهم جواباً مرضياً رجع إلى ابن عباس فسأله عنها، وكان يثق بتفسيره، وفى هذا يروى الطبرى: "أن عمر سأل الناس عن هذه الآية - يعنى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} [البقرة: 266] ... الآية، فما وجد أحداً يشفيه، حتى قال ابن عباس وهو خلفه: يا أمير المؤمنين؛ إنى أجد فى نفسى منها شيئاً، فتلفت إليه فقال: تحوَل ههنا، لِمَ تُحقِّر نفسك؟ قال: هذا مَثَلٌ ضربه الله عزَّ وجل فقال: أيودَ أحدكم أن يعمل عمره بعمل أهل الخير وأهل السعادة، حتى إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختمه
نام کتاب : التفسير والمفسرون نویسنده : الذهبي، محمد حسين جلد : 1 صفحه : 53