نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 62
وهذه هي الصيحة الأخيرة: {إِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} .
ولقد حضروا فعلا، وارتسم المشهد؛ وها هم أولاء يتلقون الخطاب، على مرأى ومسمع ممن يقرأون الآن هذا الكتاب!: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .
6- وإذ تم الحشر، وابتدأ العرض، فها نحن أولاء أمام مشهد لجماعة كانت في الدنيا متوادة متحابة، وهي اليوم متناكرة متدابرة. كان بعضهم يملي لبعض في الضلال؛ وكان بعضهم يتعالى على المؤمنين، ويهزأ من دعواهم في نعيم الآخرة.
ها هم أولاء يقتحمون النار فوجًا بعد فوج. هذا هو الفوج الأول. ينقل إلى نبأ اقتحام الفوج الثاني: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} فماذا يكون الجواب؟ يكون: {لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ} ! فهل يسكت المشتومون؟ كلا! فها هم أولاء يردون: {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ} وإذا دعوة جامعة: {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ} !
ثم ماذا؟ ثم ها هم أولاء يفتقدون المؤمنين، الذين كانوا يتعالون عليهم في الدنيا ويظنون بهم شرًّا، فلا يرونهم معهم مقتحمين:
{وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ، أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} .. {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} . وإننا لنشهد اليوم هذا التخاصم كما لو كان حاضرًا في العيان! وإن كل نفس آدمية لتحس في حناياها وقع هذا المشهد وتتقيه، وتحاذر -لو ينفع الحذر- أن تقع فيه!
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 62