نام کتاب : الإعراب المحيط من تفسير البحر المحيط نویسنده : ياسين جاسم المحيميد جلد : 1 صفحه : 470
قالوا والعامل في أنَّى فأتوا، وهذا الذي قالوه لا يصح، لأنا قد ذكرنا أنها تكون استفهاماً أو شرطاً، لا جائز أن تكون هنا شرطاً، لأنها إذ ذاك تكون ظرف مكان، فيكون ذلك مبيحاً لإتيان النساء في غير القبل، وقد ثبت تحريم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعلى تقدير الشرطية يمتنع أن يعمل في الظرف الشرطي ما قبله، لأنه معمول لفعل الشرط، كما أن فعل الشرط معمول له، ولا جائز أن يكون استفهاماً، لأنها إذا كانت استفهاماً اكتفت بما بعدها من فعل كقوله {أنَّى يكون لي ولد} (آل عمران: 47) ومن اسم كقوله: أنَّى لك هذا} (آل عمران: 37) ولا يفتقر إلى غير ذلك، وهنا يظهر افتقارها وتعلقها بما قبلها.
وعلى تقدير أن يكون استفهاماً لا يعمل فيها ما قبلها، وأنها تكون معمولة للفعل بعدها، فتبين على وجهي: أنَّى، أنها لا تكون معمولة لما قبلها، وهذا من المواضع المشكلة التي تحتاج إلى فكر ونظر.
والذي يظهر، والله أعلم، أنها تكون شرطاً لافتقارها إلى جملة غير الجملة التي بعدها، وتكون قد جعلت فيها الأحوال. كجعل الظروف المكانية، وأجريت مجراها تشبيهاً للحال بالظرف المكاني، وقد جاء نظير ذلك في لفظ: كيف، خرج به عن الاستفهام إلى معنى الشرط في قولهم: كيف تكون أكون، وقال تعالى: {بل يداه مبسوطتاه ينفق كيف يشاء} (المائدة: 64) فلا يجوز أن تكون هنا استفهاماً، وإنما لحظ فيها معنى بالشرط وارتباط الجملة بالأخرى وجواب الجملة محذوف، ويدل عليه ما قبله، تقديره: أنى شئتم فأتوه، وكيف يشاء ينفق، كما حذف جواب الشرط في قولك: أضرب زيداً أنى لقتيه، التقدير أنى لقيته فاضربه.
فإن قلت: قد أخرجت: أنَّى، عن الظرفية الحقيقية وأبقيتها لتعميم الأحوال مثل: كيف، وجعلتها مقتضية لجملة أخرى كجملة الشرط، فهل الفعل الماضي الذي هو: شئتم، في موضع جزم كحالها إذا كانت ظرفاً؟ أم هو في موضع رفع كهو بعد: كيف، في قولهم: كيف تصنع أصنع؟.
نام کتاب : الإعراب المحيط من تفسير البحر المحيط نویسنده : ياسين جاسم المحيميد جلد : 1 صفحه : 470