الى السعادة الابدية، ونشتغل الآن بتدارك تلك السعادة وتنمية الاستعدادات التي هى رأسُ مالِنا.. وانا سيُّدُهم وخطيبهم. فها دونكم منشوري! وهو كلام ذلك السلطان الأزلي تتلألأ عليه سكّةُ الاعجاز. والمجيب عن هذه الاسئلة الجوابَ الصواب ليس الا القرآنُ، ذلك الكتاب..
كان [1] هذه الاربعة عناصره الاساسية.
فكما تتراءى هذه المقاصد الاربعة في كله، كذلك قد تتجلى في سورةٍ سورة، بل قد يُلْمَح بها في كلامٍ كلام، بل قد يُرْمَز اليها في كلمةٍ كلمة؛ لان كل جزء فجزء كالمرآة لكلٍ فكلٍ متصاعداً، كما ان الكل يتراءى في جزءٍ فجزءٍ متسلسلا.
ولهذه النكتة - اعني اشتراك الجزء مع الكل - يُعرّف القرآنُ المشخَّصُ كالكلي ذي الجزئيات؟.
ان قلت: ارني هذه المقاصد الاربعة في "بسم الله" وفي "الحمد لله".
قلت: لما اُنزل (بسم الله) لتعليم العباد كان "قُلْ" مقدَّراً فيه. وهو الأُمّ في تقدير الاقوال القرآنية [2]. فعلى هذا يكون في "قل" اشارة الى الرسالة.. وفي (بسم الله) رمز الى الالوهية.. وفي تقديم الباء تلويحٌ الى التوحيد [3].. وفي (الرحمن) تلميحٌ الى نظام العدالة والاحسان.. وفي (الرحيم) ايماء الى الحشر.
وكذلك في (الحمد لله) اشارةٌ الى الالوهية.. وفي لام الاختصاص رمزٌ الى التوحيد.. وفي (رب العالمين) ايماء الى العدالة والنبوة ايضا؛ لان بالرسل تربيةُ نوع البشر.. وفي (مالك يوم الدين) تصريح بالحشر.
حتى ان صَدَف (اِنَّا اَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) [4] يتضمن هذه الجواهر. هذا مثالا فانسج على منواله. [1] جواب لما.. (المؤلف) . [2] اى: يا محمد! قل هذا الكلام وعلّمه الناس (ت: 13) [3] حيث يفيد الحصر. (ت: 13) [4] وهى من اقصر السور القرآنية.