responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 85
وَلَا فُتْيَاهُ إذَا كَانَ مُفْتِيًا، وَأَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ لِلصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ قُدِّمَ وَاقْتَدَى بِهِ مُقْتَدٍ كَانَتْ صَلَاتُهُ مَاضِيَةً فَقَدْ حَوَى قوله: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجْوِيزُ إمَامَةِ الْفَاسِقِ وَخِلَافَتِهِ وَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ فَلَا يُجِيزُ حُكْمَهُ، وَذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ الْمُسَمَّى زُرْقَانَ وَقَدْ كَذَبَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ بِالْبَاطِلِ، وَلَيْسَ هُوَ أَيْضًا مِمَّنْ تُقْبَلُ حِكَايَتُهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ فِي أَنَّ شَرْطَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعَدَالَةُ، وَأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَكُونُ خَلِيفَةً وَلَا يَكُونُ حَاكِمًا; كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا خَبَرُهُ لَوْ رَوَى خَبَرًا عَنْ النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَيْفَ يَكُونُ خَلِيفَةً وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَأَحْكَامُهُ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى ذَلِكَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ أَكْرَهَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى الْقَضَاءِ وَضَرَبَهُ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَحُبِسَ فَلَجَّ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَجَعَلَ يَضْرِبُهُ كُلَّ يَوْمٍ أَسْوَاطًا. فَلَمَّا خِيفَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ الْفُقَهَاءُ: فَتَوَلَّ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ حَتَّى يَزُولَ عَنْك هَذَا الضَّرْبُ فَتَوَلَّى لَهُ عَدَّ أَحْمَالِ التِّبْنِ الَّذِي يَدْخُلُ، فَخَلَّاهُ، ثُمَّ دَعَاهُ الْمَنْصُورُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَأَبَى، فَحَبَسَهُ حَتَّى عَدَّ لَهُ اللَّبِنَ الَّذِي كَانَ يُضْرَبُ لِسُورِ مَدِينَةِ بَغْدَادَ.
وَكَانَ مَذْهَبُهُ مَشْهُورًا فِي قِتَالِ الظَّلَمَةِ وَأَئِمَّةِ الْجَوْرِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: احْتَمَلْنَا أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى جَاءَنَا بِالسَّيْفِ يَعْنِي قِتَالَ الظَّلَمَةِ فَلَمْ نَحْتَمِلْهُ، وَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ: وُجُوبُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ بِالْقَوْلِ، فَإِنْ لَمْ يُؤْتَمَرْ لَهُ فَبِالسَّيْفِ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَرُوَاةِ الْأَخْبَارِ وَنُسَّاكِهِمْ عَنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، فَقَالَ: هُوَ فَرْضٌ وَحَدَّثَهُ بِحَدِيثٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إلَى إمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُنْكَرِ فَقُتِلَ". فَرَجَعَ إبْرَاهِيمُ إلَى مَرْوَ وَقَامَ إلَى أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ظُلْمَهُ وَسَفْكَهُ الدِّمَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَاحْتَمَلَهُ مِرَارًا ثُمَّ قَتَلَهُ. وَقَضِيَّتُهُ فِي أَمْرِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ مَشْهُورَةٌ وَفِي حَمْلِهِ الْمَالِ إلَيْهِ وَفُتْيَاهُ النَّاسَ سِرًّا فِي وُجُوبِ نُصْرَتِهِ وَالْقِتَالِ مَعَهُ وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ مَعَ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَقَالَ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ حِينَ قَالَ لَهُ: لِمَ أَشَرْت عَلَى أَخِي بِالْخُرُوجِ مَعَ إبْرَاهِيمَ حَتَّى قُتِلَ؟ قَالَ: مَخْرَجُ أَخِيك أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ مَخْرَجِك. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ قَدْ خَرَجَ إلَى الْبَصْرَةِ، وَهَذَا إنَّمَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَغْمَارُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ بِهِمْ فُقِدَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ حَتَّى تَغَلَّبَ الظَّالِمُونَ عَلَى أُمُورِ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ كَيْفَ يَرَى إمَامَةَ الْفَاسِقِ؟ فَإِنَّمَا جَاءَ غَلَطُ مَنْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ، إنْ لَمْ يَكُنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهِ وَقَوْلِ سَائِرِ مَنْ يَعْرِفُ قَوْلَهُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست