responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 617
وَالْخَطَإِ وَالزَّلَلِ وَالسَّهْوِ عَلَيْهِمْ; فَثَبَتَ بِذَلِكَ تَجْوِيزُ الِاجْتِهَادِ وَاسْتِعْمَالُ غَلَبَةِ الرَّأْيِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ وَلَا اتِّفَاقَ.
وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ قَبُولِ الْأَخْبَارِ الْمُقَصِّرَةِ عَنْ إيجَابِ الْعِلْمِ بِمُخْبِرَاتِهَا مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; لِأَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لِلْعِلْمِ بِصِحَّةِ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالْحُكْمِ بِهَا مَعَ تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي الْمُغَيَّبِ بِخِلَافِهِ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُ خَبَرِ مَنْ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِخَبَرِهِ فِي أُمُورِ الدِّينِ.
وَقَدْ دَلَّ أَيْضًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَسْتَدِلُّ عَلَى رَدِّ أَخْبَارِ الْآحَادِ بِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَاهَا لَكِنَّا قَدْ جَعَلْنَا مَنْزِلَةَ الْمُخْبِرِ أَعْلَى مِنْ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; إذْ لَمْ يَجِبْ فِي الْأَصْلِ قَبُولُ خَبَرِ النَّبِيِّ إلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِقَبُولِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ ظَاهِرُهُمْ الْعَدَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا عِلْمُ مُعْجِزَةٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِمْ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ اعْتِبَارِ نَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى بَعْضِهَا وَمُخْتَلِفُونَ فِي. بَعْضِهَا; فَمِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بُطْلَانُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ لِوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، إلَّا شَيْءٌ يُحْكَى عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَالَ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدَيْهِ وَشَهَادَةُ الْأَبِ لَابْنِهِ وَامْرَأَتِهِ إذَا كَانُوا عُدُولًا مُهَذَّبِينَ مَعْرُوفِينَ بِالْفَضْلِ، وَلَا يَسْتَوِي النَّاسُ فِي ذَلِكَ" فَفَرَّقَ بَيْنَهَا لَوَالِدِهِ وَبَيْنَهَا لِلْأَجْنَبِيِّ. فَأَمَّا أَصْحَابُنَا وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَإِنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ شَهَادَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سِيَّمَا قَالَ: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَلَا الْأَبِ لَابْنِهِ وَلَا الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَلَا الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ". وَرُوِيَ عَنْ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ رَجُلٍ لَابْنِهِ; حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن سيما قال: حدثنا عبد الله بن أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ الْحَذَّاءُ عَنْ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ.
وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ شَهَادَتِهِ لَابْنِهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} وَلَمْ يَذْكُرْ بُيُوتَ الْأَبْنَاءِ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} قَدْ انْتَظَمَهَا; إذْ كَانَتْ مَنْسُوبَةً إلَى الْآبَاءِ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ بُيُوتِهِمْ عَنْ ذِكْرِ بُيُوتِ أَبْنَائِهِمْ; وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك" فَأَضَافَ الْمِلْكَ إلَيْهِ; وَقَالَ: "إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ"، فَلَمَّا أَضَافَ مِلْكَ الِابْنِ إلَى الْأَبِ وَأَبَاحَ أَكْلَهُ لَهُ وَسَمَّاهُ لَهُ كَسْبًا كَانَ الْمُثْبِتُ لِابْنِهِ حَقًّا بِشَهَادَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مُثْبِتِهِ لِنَفْسِهِ،

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 617
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست