responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 558
بَابُ إعْطَاءِ الْمُشْرِكِ مِنْ الصَّدَقَةِ
قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْخِطَابِ وَمَا جَاءَ فِي نَسَقِهِ يَدُلُّ عَلَى أن قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} إنَّمَا مَعْنَاهُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ; لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْخِطَابَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} فَدَلَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِطَابِ فِي ذَلِكَ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ مِنْ ذَكَرِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ الْمُرَادَ إبَاحَةُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ; رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي

وَإِنَّمَا تَحْصُلُ فِي يَدِ الْإِمَامِ صَدَقَةً لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ يُصْرَفُ إلَى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَالْعَامِلِينَ مَا يُعْطَوْنَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِصَدَقَةٍ لَكِنْ عِوَضًا مِنْ الْعَمَلِ وَلِدَفْعِ أَذِيَّتِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ لِيُسْتَمَالُوا بِهِ إلَى الْإِيمَانِ.
وَمِنْ الْمُخَالِفِينَ مَنْ يَحْتَجُّ بِذَلِكَ فِي جَوَازِ إعْطَاءِ جَمِيعِ الصَّدَقَاتِ لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُمْ إذَا أَعْطَوْا الْفُقَرَاءَ مِنْ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي سَقَطَ حَقُّ الْإِمَامِ فِي الْأَخْذِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وَذَلِكَ عَامٌّ فِي سَائِرِهَا; لِأَنَّ الصَّدَقَةَ هَهُنَا اسْمٌ لِلْجِنْسِ. وَلَيْسَ فِي هَذَا عِنْدَنَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَكَرُوا; لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ خَيْرٌ لِلْمُعْطِي فَلَيْسَ فِيهِ سُقُوطُ حَقِّ الْإِمَامِ فِي الْأَخْذِ; وَلَيْسَ كَوْنُهَا خَيْرًا نَافِيًا لِثُبُوتِ حَقِّ الْإِمَامِ فِي الْأَخْذِ; إذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَهُمْ وَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ فَيَتَضَاعَفُ الْخَيْرُ بِأَخْذِهَا ثَانِيًا. وَقَدْ قَدَّمْنَا قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إنَّ هَذَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ حَصَلَ عَلَى أَنَّ إظْهَارَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ أَوْلَى مِنْ إخْفَائِهَا، كَمَا قَالُوا فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، وَلِذَلِكَ أُمِرُوا بِالِاجْتِمَاعِ عَلَيْهَا فِي الْجَمَاعَاتِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَلِيُصَلُّوهَا ظَاهِرِينَ، فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْفُرُوضِ لِئَلَّا يُقِيمَ نَفْسَهُ مَقَامَ تُهْمَةٍ فِي تَرْكِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَفِعْلِ الصَّلَاةِ. قَالُوا: فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً، لِأَنَّ سِتْرَ الطَّاعَاتِ النَّوَافِلِ أَفْضَلُ مِنْ إظْهَارِهَا; لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ: أَحَدُهُمْ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ لَمْ تَعْلَمْ شِمَالُهُ مَا تَصَدَّقَتْ بِهِ يَمِينُهُ" وَهَا إنَّمَا هُوَ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا جَاءَ قَبْلَ أَنْ تُؤَدَّى صَدَقَةُ الْمَوَاشِي فَطَالَبَهُ بِأَدَائِهَا أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا إلَيْهِ، فَصَارَ إظْهَارُ أَدَائِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ فَرْضًا، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ} صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

بَابُ إعْطَاءِ الْمُشْرِكِ مِنْ الصَّدَقَةِ
قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْخِطَابِ وَمَا جَاءَ فِي نَسَقِهِ يَدُلُّ عَلَى أن قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} إنَّمَا مَعْنَاهُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ; لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْخِطَابَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} فَدَلَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِطَابِ فِي ذَلِكَ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ مِنْ ذَكَرِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ الْمُرَادَ إبَاحَةُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ; رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 558
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست