responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 539
فَلَا يَخْتَلِفَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسِيَ بِالْأَكْلِ وَالْحَدَثِ وَالْجِمَاعِ فِي الصَّلَاةِ فِي حُكْمِ الْعَامِدِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ إيجَابِ الْقَضَاءِ وَإِفْسَادِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي حُكْمِ الْمَأْثَمِ وَاسْتِحْقَاقِ الْوَعِيدِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا كَانَ حُكْمُ النَّهْيِ فِيمَا يَقْتَضِيهِ مِنْ إيجَابِ الْقَضَاءِ مُعَلَّقًا بِالنَّاسِي كَهُوَ بِالْعَامِدِ، لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُكْمِ الْمَأْثَمِ وَالْوَعِيدِ. فَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا قُصِدَ بِهِ الْإِصْلَاحُ لِلصَّلَاةِ وَبَيْنَ مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ إصْلَاحُهَا، وَعَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَامِدِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ: "إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ" وَحَقِيقَتُهُ الْخَبَرُ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ إخْبَارًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا كَلَامُ النَّاسِ; فَلَوْ بَقِيَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْكَلَامِ لَكَانَ قَدْ صَلُحَ الْكَلَامُ فِيهَا مِنْ وَجْهٍ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا وَقَعَ فِيهِ كَلَامُ النَّاسِ فَلَيْسَ بِصَلَاةٍ لِيَكُونَ مُخْبَرُهُ خَبَرًا مَوْجُودًا فِي سَائِرِ مَا أَخْبَرَ بِهِ. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ ضِدَّ الصَّلَاحِ هُوَ الْفَسَادُ وَهُوَ يَقْتَضِيهِ فِي مُقَابَلَتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ فِيهَا ذَلِكَ فَهِيَ فَاسِدَةٌ إذَا وَقَعَ الْكَلَامُ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكَانَ قَدْ صَلُحَ الْكَلَامُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ إفْسَادٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْخَبَرِ.
وَاحْتَجَّ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا مِنْ مُخَالِفِينَا الَّذِينَ حَكَيْنَا قَوْلَهُمَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، ثُمَّ قَامَ إلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدِّمِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، قَالَ: وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ؟ وَفِي النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَاهُ أَنْ يُكَلِّمَاهُ، فَقَامَ رَجُلٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيت أَمْ قَصُرَتْ الصَّلَاةُ؟ فَقَالَ لَهُ: "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ الصَّلَاةُ" فَقَالَ: بَلْ نَسِيت فَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ: "أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ فَجَاءَ فَصَلَّى بِنَا الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ. فَأَخْبَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِمَا كَانَ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مِنْ الْكَلَامِ وَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْبِنَاءِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مُتَأَخِّرَ الْإِسْلَامِ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حَازِمٍ قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا فَقَالَ: صَحِبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، فَخَرَجَ خَلْفَهُ وَقَدْ فَتَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ. قَالُوا: فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ بَعْدَ إسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ كَانَ بِمَكَّةَ; لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ كَانَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ مَحْظُورًا; لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَهُ بِنَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ بَعْدَ حَظْرِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 539
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست