responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 487
الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ عَقْدِهَا، مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَعْقِلًا فَعَلَ ذَلِكَ فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ فَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الْعَضْلِ. فَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خِطَابًا لِلْأَزْوَاجِ; لِأَنَّهُ قَالَ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} فقوله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِمَنْ طَلَّقَ; وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْنَاهُ عَضْلَهَا عَنْ الْأَزْوَاجِ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا} . وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ} خِطَابًا لِلْأَوْلِيَاءِ وَلِلْأَزْوَاجِ وَلِسَائِرِ النَّاسِ; وَالْعُمُومُ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ". وَبِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ"، وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا". فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَغَيْرُ ثَابِتٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا عِلَلَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ; وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهَا" وَهَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْأَمَةِ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا. وَقَوْلُهُ: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ" لَا يَعْتَرِضُ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ; لِأَنَّ هَذَا عِنْدَنَا نِكَاحٌ بِوَلِيٍّ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَلِيُّ نَفْسِهَا كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ وَلِيُّ نَفْسِهِ; لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْوِلَايَةَ عَلَى مَنْ يَلِي عَلَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ تَسْتَحِقُّ الْوِلَايَةَ وَالتَّصَرُّفَ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَالِهَا فَكَذَلِكَ فِي بُضْعِهَا. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَمَحْمُولٌ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ لِحُضُورِ الْمَرْأَةِ مَجْلِسَ الْإِمْلَاكِ; لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِعْلَانِ النِّكَاحِ، وَلِذَلِكَ يُجْمَعُ لَهُ النَّاسُ، فَكُرِهَ لِلْمَرْأَةِ حُضُورُ ذَلِكَ الْمَجْمَعِ; وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ قَوْلَهُ: "الزَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي تَنْكِحُ نَفْسَهَا" مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا الْحَدِيثُ، وَذُكِرَ فِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: "كَانَ يُقَالُ الزَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي تَنْكِحُ نَفْسَهَا". وَعَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ خَطَأٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ; لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا نَفْسَهَا لَيْسَ بِزِنًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَطْءُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِيهِ، فَإِنْ حَمَلْته عَلَى أَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فَهَذَا أَيْضًا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا; لِأَنَّ مَنْ لَا يُجِيزُهُ إنَّمَا يَجْعَلُهُ نِكَاحًا فَاسِدًا يُوجِبُ الْمَهْرَ وَالْعِدَّةَ وَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ إذَا وَطِئَ; وَقَدْ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وجل: {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} يَعْنِي إذَا لَمْ تَعْضُلُوهُنَّ; لِأَنَّ الْعَضْلَ رُبَّمَا أَدَّى إلَى ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعَقْدِ; وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الباقي بن قانع قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هُرْمُزٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 487
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست