responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 459
وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ وَلَيْسَ بِخَبَرٍ، أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَبَرًا لَوُجِدَ مُخْبَرُهُ على ما أخبر به; لأن أخبار الله لَا تَنْفَكُّ مِنْ وُجُودِ مُخْبَرَاتهَا; فَلَمَّا وَجَدْنَا النَّاسَ قَدْ يُطَلِّقُونَ الْوَاحِدَةَ وَالثَّلَاثَ مَعًا، وَلَوْ كان قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} اسْمًا لِلْخَبَرِ لَاسْتَوْعَبَ جَمِيعَ مَا تَحْتَهُ، ثُمَّ وَجَدْنَا فِي النَّاسِ مَنْ يُطَلِّقُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْخَبَرَ وَأَنَّهُ تَضَمَّنَ أَحَدَ مَعْنَيَيْنِ: إمَّا الْأَمْرُ بِتَفْرِيقِ الطَّلَاقِ مَتَى أَرَدْنَا الْإِيقَاعَ، أَوْ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَسْنُونِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهِ مِنْهُ. وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ حَمْلُهُ عَلَى الْأَمْرِ; إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ الْخَبَرِ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ طَلِّقُوا مَرَّتَيْنِ مَتَى أَرَدْتُمْ الطَّلَاقَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى النَّدْبِ بِدَلَالَةٍ، وَيَكُونُ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى وَالتَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَمَسْكُنٌ وَخُشُوعٌ" فَهَذِهِ صِيغَةُ الْخَبَرِ، وَالْمُرَادُ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ. وَعَلَى أَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْمَسْنُونِ مِنْ الطَّلَاقِ كَانَتْ دَلَالَتُهُ قَائِمَةً عَلَى حَظْرِ جَمْعِ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثِ; لِأَنَّ قوله: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} مُنْتَظِمٌ لِجَمِيعِ الطَّلَاقِ الْمَسْنُونِ، فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ مَسْنُونِ الطَّلَاقِ إلَّا وَقَدْ انْطَوَى تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ، فَإِذَا مَا خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَمَعَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ فَهُوَ مُطَلِّقٌ لِغَيْرِ السُّنَّةِ. فَانْتَظَمَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الدَّلَالَةَ عَلَى مَعَانٍ: مِنْهَا أَنَّ مَسْنُونَ الطَّلَاقِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَعْدَادِ الثَّلَاثِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا. وَمِنْهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ اثْنَتَيْنِ فِي مَرَّتَيْنِ. وَمِنْهَا أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ تَثْبُتُ مَعَهُ الرَّجْعَةُ. وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ فِي الْحَيْضِ وَقَعَتَا; لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بِوُقُوعِهِمَا. وَمِنْهَا أَنَّهُ نَسَخَ هَذِهِ الْآيَةَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُطَلِّقُونَ مَا شَاءُوا مِنْ الْعَدَدِ ثُمَّ يُرَاجِعُونَ، فَقُصِرُوا عَلَى الثَّلَاثِ وَنُسِخَ بِهِ مَا زَادَ. فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى حُكْمِ الْعَدَدِ الْمَسْنُونِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْوَقْتِ الْمَسْنُونِ فِيهِ إيقَاعُ الطَّلَاقِ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَاقَ الْعِدَّةِ, فَقَالَ لِابْنِ عُمَرَ حِينَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ: "مَا هَكَذَا أَمَرَك اللَّهُ إنَّمَا طَلَاقُ الْعِدَّةِ أَنْ تُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ حَامِلًا وَقَدْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا" فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ; فَكَانَ طَلَاقُ السُّنَّةِ مَعْقُودًا بِوَصْفَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْعَدَدُ، وَالْآخَرُ: الْوَقْتُ. فَأَمَّا الْعَدَدُ فَأَنْ لَا يَزِيدَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَأَمَّا الْوَقْتُ فَأَنْ يطلقها طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ حَامِلًا قَدْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ لِذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: أَحْسَنُ الطَّلَاقِ أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْجِمَاعِ ثُمَّ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا طَلَّقَهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ وَاحِدَةً قَبْلَ الْجِمَاعِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَبَلَغَنَا

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 459
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست