responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 432
الْمُضْمَرَ فِي قَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} هُوَ الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَنَّ الْهِجْرَانَ يُوجِبُ الطَّلَاقَ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا حَلَفَ ثُمَّ هَجَرَهَا مُدَّةَ الْإِيلَاءِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَهِجْرَانُهَا لَيْسَ بِيَمِينٍ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ. وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فِي خُلُقِهَا سُوءٌ، فَكَانَ يَهْجُرُهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَرْجِعُ إليها ولا يرى ذلك إيلاء.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بَعْدَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي إذَا حَلَفَ عَلَيْهَا يَكُونُ مُولِيًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ: إذَا حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ وَقَتَادَةَ وَحَمَّادٍ: أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا، إنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ فَهُوَ مُولٍ، فَإِنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ، وَإِنْ قَرِبَهَا فِي غَيْرِهِ قَبْلَ الْمُدَّةِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ وَفِيهَا امْرَأَتُهُ وَمِنْ أَجْلِهَا حَلَفَ فَهُوَ مُولٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} وَالْإِيلَاءُ هُوَ الْيَمِينُ وَقَدْ ثَبَتَ بِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ تَرْكَ جِمَاعِهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ لَا يُكْسِبُهُ حُكْمَ الْإِيلَاءِ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمَضَتْ مُدَّةُ الْيَمِينِ كَانَ تَارِكًا لِجِمَاعِهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ الَّتِي هِيَ التَّرَبُّصُ بِغَيْرِ يَمِينٍ; وَتَرْكُ جِمَاعِهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي إيجَابِ الْبَيْنُونَةِ، وَمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يُكْسِبُهُ حُكْمَ الْبَيْنُونَةِ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ لَهُ تَرَبُّصَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَلَمْ يَبْقَ هُنَاكَ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ بِهِ إيجَابُ الْفُرْقَةِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِ جِمَاعِهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَا يَلْحَقُهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فَلَا مَعْنَى لَهُ; لِأَنَّ الْإِيلَاءَ كُلُّ يَمِينٍ فِي زَوْجَةٍ يَمْنَعُ جِمَاعَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا يَحْنَثُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَهَذِهِ الْيَمِينُ لَمْ تَمْنَعْهُ جِمَاعَهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى جِمَاعِهَا بِغَيْرِ حِنْثٍ بِأَنْ يَقْرَبَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَيْتِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ أَيْضًا فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ سَوَاءٌ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ: هُوَ مُولٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا فِي الْمُدَّةِ حَتَّى مَضَتْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ. وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ إيلَاءُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَوَقَّتَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَمَنْ كَانَ إيلَاؤُهُ دُونَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُولٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إذَا حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست