responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 422
يُرِدْ الْمُسْتَحَاضَةَ إلَى وَقْتِ نِسَائِهَا، وَإِنَّمَا رَدَّ وَاحِدَةً إلَى عَادَتِهَا فَقَالَ: "تَقْعُدُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا" وَأَمَرَ أُخْرَى أَنْ تَقْعُدَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، وَأَمَرَ أُخْرَى أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلَمْ يَقُلْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اُقْعُدِي أَيَّامَ نِسَائِك. وَأَيْضًا فَإِنَّ أَيَّامَ نِسَائِهَا وَالْأَجْنَبِيَّاتِ وَمَنْ كَانَ دُونَ سِنِّهَا وَفَوْقَهَا سَوَاءٌ، وَقَدْ يَتَّفِقْنَ فِي السِّنِّ مَعَ اخْتِلَافِ عَادَاتِهِنَّ فِي الْحَيْضِ، فَلَيْسَ لِنِسَائِهَا فِي ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ دُونَ غَيْرِهِنَّ.
وَقَدْ تَنَازَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ انْقِطَاعَ الدَّمِ يُوجِبُ إبَاحَةَ وَطْئِهَا; وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُجَوِّزُ وَطْأَهَا إلَّا بَعْدَ الِاغْتِسَالِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: "إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْحَائِضِ حَتَّى تَغْتَسِلَ إذَا كَانَتْ وَاجِدَةً لِلْمَاءِ أَوْ يَمْضِي عَلَيْهَا وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُ هَذَيْنِ خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَحَلَّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا إنْ كَانَتْ آخِرَ حَيْضَةٍ وَإِذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشَرَةً ارْتَفَعَ حُكْمُ الْحَيْضِ بِمُضِيِّ الْعَشَرَةِ وَتَكُونُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةٍ جُنُبٍ فِي إبَاحَةِ وَطْءِ الزَّوْجِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ".
وَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ وَطْأَهَا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ حَيْضِهَا وَانْقِطَاعِ دَمِهَا قَبْلَ الِاغْتِسَالِ بِقَوْلِهِ: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} وَ"حَتَّى" تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَا بَعْدَهَا بِخِلَافِهَا، فَذَلِكَ عُمُومٌ فِي إبَاحَةِ وَطْئِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] {وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] فَكَانَتْ هَذِهِ نِهَايَاتٌ لِمَا قُدِّرَ بِهَا، وَكَانَ حُكْمُ مَا بَعْدَهَا بخلافها، فكذلك قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} إذَا قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ فَمَعْنَاهَا انْقِطَاعُ الدَّمِ. وَقَالُوا: قَدْ قُرِئَ: "حَتَّى يَطَّهَّرْنَ" بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَا يَحْتَمِلُهُ قَوْلُهُ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} بِالتَّخْفِيفِ، فَيُرَادُ بِهِ انْقِطَاعُ الدَّمِ; إذْ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ: طَهُرَتْ الْمَرْأَةُ وَتَطَهَّرَتْ، إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا، كَمَا يُقَالُ: تَقَطَّعَ الْحَبْلُ وَتَكَسَّرَ الْكُوزُ، وَالْمَعْنَى: انْقَطَعَ وَانْكَسَرَ، وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فِعْلًا مِنْ الْمَوْصُوفِ بِذَلِكَ.
وَاحْتَجَّ مَنْ حَظَّرَ وَطْأَهَا فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى تَغْتَسِلَ بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} فَشَرَطَ فِي إبَاحَتِهِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: انْقِطَاعُ الدَّمِ، وَالْآخَرُ: الِاغْتِسَالُ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْغُسْلِ وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: لَا تُعْطِ زَيْدًا شَيْئًا حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ، فَإِذَا دَخَلَهَا وَقَعَدَ فِيهَا فَأَعْطِهِ دِينَارًا فَيُعْقَلُ بِهِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الدِّينَارِ مَوْقُوفٌ عَلَى الدُّخُولِ وَالْقُعُودِ جَمِيعًا. وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} فَشَرَطَ الْأَمْرَيْنِ فِي إحْلَالِهَا لِلْأَوَّلِ،

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست