responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 413
لَيَالِيَ تَصْطَادُ الرِّجَالَ بِفَاحِمِ
وَلَمْ يُرِدْ بِهِ سَوَادَ اللَّيْلِ دُونَ بَيَاضِ النَّهَارِ. وَقَالَ آخَرُ:
وَأَذْكُرُ أَيَّامَ الْحِمَى ثُمَّ أَنْثَنِي ... عَلَى كَبِدِي مِنْ خَشْيَةٍ أَنْ تَصَدَّعَا
وَلَيْسَتْ عَشِيَّاتُ الْحِمَى بِرَوَاجِعٍ ... إلَيْك وَلَكِنْ خَلِّ عَيْنَيْكَ تَدْمَعَا
وَلَمْ يُرِدْ بِذِكْرِ الْأَيَّامِ بَيَاضَ النَّهَارِ، وَلَا بِذِكْرِ الْعَشِيَّاتِ أَوَاخِرَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ وَقْتًا قَدْ تَقَرَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ; وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 31] وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ دُونَ آخِرِهِ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَصْبَحَتْ عَاذِلَتِي مُعْتَلَّهْ
وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الصَّبَاحَ دُونَ الْمَسَاءِ. وَقَالَ لَبِيدٌ:
وَأَمْسَى كَأَحْلَامِ النِّيَامِ نَعِيمُهُمْ ... وَأَيُّ نَعِيمٍ خِلْته لَا يُزَايِلُ
وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْمَسَاءَ دُونَ الصَّبَاحِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ وَقْتًا مُبْهَمًا. وَهَذَا أَشْهُرُ فِي اللُّغَةِ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إلَى الْإِكْثَارِ مِنْ الشَّوَاهِدِ. فَلَمَّا انْقَسَمَ اسْمُ الْأَيَّامِ إلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، قُلْنَا فِيمَا تَقَرَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ إذَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْأَيَّامُ فَمَعْنَاهُ الْوَقْتُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ حُكْمًا مُبْتَدَأً فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا تَصِحُّ إضَافَةُ الْأَيَّامِ إلَيْهِ، فَمَعْنَاهَا إذَا عُيِّنَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ. وَوَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي مَفْهُومِ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ اسْمَ الْأَيَّامِ إذَا أُضِيفَ إلَى عَدَدٍ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَلَا يُفَارِقُ هَذَا الْعَدَدُ اسْمَ الْأَيَّامِ بِحَالٍ; لِأَنَّك إذَا قُلْت: أَحَدَ عَشَرَ لَمْ تَقُلْ أَيَّامًا، وَإِنَّمَا تَقُولُ: أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَذَلِكَ إذَا أَطْلَقْت أَيَّامَ الشَّهْرِ فَقُلْت ثَلَاثِينَ، لَمْ يَحْسُنْ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَيَّامِ، وَقُلْت: ثَلَاثِينَ يَوْمًا; فَلَمَّا كَانَ اسْمُ الْأَيَّامِ مَعَ ذِكْرِ الْعَدَدِ الْمُضَافِ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ عَلِمْنَا أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِيهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَلَا تُصْرَفُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بِدَلَالَةٍ; لِأَنَّهُ مَجَازٌ مِنْ حَيْثُ جَازَ أَنْ يُنْفَى عَنْهُ اسْمُ الْأَيَّامِ بِحَالٍ، وَهُوَ إذَا عُيِّنَ عَدَدُهُ أُضِيفَتْ الْأَيَّامُ إلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا قَالَ: "دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ" فَجَعَلَ الْأَيَّامَ، وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ لِلْأَقْرَاءِ، وَهِيَ جَمْعٌ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ، حَصَلَ لِكُلِّ يَوْمٍ قُرْءٌ. قِيلَ لَهُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " أَيَّامَ أَقْرَائِك", حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، بِدَلَالَةِ أَنَّ مَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، مُرَادُهُ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ; وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ فِي مِثْلِهِمَا بِقَوْلِهِ: "أَقْرَائِك" حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، فَكَذَلِكَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهَا. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: "ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ" وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ: عند

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست