responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 251
عَنْ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ ببلنجر فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ ضُحًى فَأَخْبَرْتُهُ، فَجَاءَ فَقَامَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَنَظَرَ إلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وَقَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مُخَاطَبًا بِفِعْلِ الصَّوْمِ فِي آخِرِ رَمَضَانَ مُرَادًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي خِطَابِ قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ حَالًا مِنْ حَالٍ، فَهُوَ عَلَى سَائِرِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ رَأَى الْهِلَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرَهُ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يَزَلْ عَنْهُ الْخِطَابُ بِإِتْمَامِ الصَّوْم بَلْ كَانَ دَاخِلًا فِي حُكْمِ اللَّفْظِ، فَكَذَلِكَ رُؤْيَتُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَدُخُولِهِ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ" وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ صَوْمٌ يَسْتَقْبِلُهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ; وَالدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: اسْتِحَالَةُ الْأَمْرِ بِصَوْمِ يَوْمٍ مَاضٍ، وَالْآخَرُ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ إذَا رَأَى الْهِلَالَ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الْأَيَّامِ. فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ" إنَّمَا هُوَ صَوْمٌ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ، فَمَنْ رَأَى الْهِلَالَ نَهَارًا قَبْلَ الزَّوَالِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ لَزِمَهُ صَوْمُ مَا يَسْتَقْبِلُ دُونَ مَا مَضَى لِقُصُورِ مُرَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَوْمٍ يَفْعَلُهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ. وَأَيْضًا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ" فَأَوْجَبَ بِذَلِكَ اعْتِبَارَ الثَّلَاثِينَ لِكُلِّ شَهْرٍ يَخْفَى عَلَيْنَا رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فِيهِ، فَلَوْ اُحْتُمِلَ الْهِلَالُ الَّذِي رَأَى نَهَارًا اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ وَاحْتُمِلَ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَكَانَ الِاحْتِمَالُ لِذَلِكَ جَاعِلُهُ فِي حُكْمِ مَا خَفِيَ عَلَيْنَا رُؤْيَتُهُ، فَوَاجِبٌ أَنْ يُعِدَّ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِقَضِيَّةِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَإِنْ قِيلَ: لما قال صلى عليه السلام: "وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ" اقْتَضَى ظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالْإِفْطَارِ أَيَّ وَقْتٍ رَأَى الْهِلَالَ فِيهِ، فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ مَزْجُورٌ عَنْ الْإِفْطَارِ لِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ خَصَّصْنَاهُ مِنْهُ وَبَقِيَ حُكْمُ الْعُمُومِ فِي رُؤْيَتِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ. قِيلَ لَهُ: مُرَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَتُهُ لَيْلًا، بِدَلَالَةِ أَنَّ رُؤْيَتَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا تُوجِبُ لَهُ الْإِفْطَارَ; لِأَنَّهُ رَآهُ نَهَارًا، وَكَذَلِكَ حُكْمُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِوُجُودِ هَذَا الْمَعْنَى. وَأَيْضًا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَتِهِ لَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ وَمَا قَبْلَهْ مِنْ رَمَضَانَ لِحُصُولِ الْيَقِينِ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْإِفْطَارُ لِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَا لِرُؤْيَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْهُ، لِاسْتِحَالَةِ أَمْرِهِ بِالْإِفْطَارِ فِي وَقْتٍ قَدْ تَقَدَّمَ الرُّؤْيَةُ، فَيُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ، وَمَا قَبْلَهَا مِنْ رَمَضَانَ، فَيَكُونُ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَبَعْضَ يَوْمٍ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست