responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 241
خَرَجَ مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كُلُّهَا، وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِأَنْ أَفْطَرَ فِيهِ لَمْ يَبْطُلْ عَلَيْهِ صَوْمُ سَائِرِ الشَّهْرِ؟ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِفِعْلِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى، إذْ النِّيَّةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِلدُّخُولِ فِيهَا، فَأَمَّا الصَّوْمُ، فَإِنَّهُ إذَا دَخَلَ اللَّيْلُ خَرَجَ مِنْ الصَّوْمِ; وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ" فَاحْتَاجَ بَعْد الْخُرُوجِ مِنْ صَوْمِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَى الدُّخُولِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَلَمْ يَصِحَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِالنِّيَّةِ الْمُتَجَدِّدَةِ.
وَإِنَّمَا أَجَازَ أَصْحَابُنَا تَرْكَ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْل فِي كُلِّ صَوْمٍ مُسْتَحَقِّ الْعَيْنِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وَهَذَا قَدْ شَهِدَ الشَّهْرَ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِصَوْمِهِ وَوَاجِبٌ أَنْ يَجْزِيَهُ إذَا فَعَلَ، مَا أُمِرَ بِهِ. وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَعَثَ إلَى أَهْلِ الْعَوَالِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: "مَنْ أَكَلَ فَلْيُمْسِكْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ". وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَ الْآكِلِينَ بِالْقَضَاءِ; حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رَبِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: "أَصُمْتُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: لَا قَالَ: "فَأَتِمُّوا يَوْمَكُمْ هَذَا وَاقْضُوا" فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا; وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالْقَضَاءِ مَنْ أَكَلَ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْآكِلِينَ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَأَمَرَ الْآكِلِينَ بِالْإِمْسَاكِ وَالْقَضَاءِ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَأْكُلُوا بِالصَّوْمِ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْ الصَّوْمِ مَا كَانَ مَفْرُوضًا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ فَجَائِزٌ تَرْكُ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطُ صِحَّتِهِ إيجَادَ النِّيَّةِ لَهُ مِنْ اللَّيْلِ لَمَا أَمَرَهُمْ بِالصِّيَامِ وَلَكَانُوا حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْآكِلِينَ فِي بَابِ امْتِنَاعِ صِحَّةِ صَوْمِهِمْ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ، فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ الْمُسْتَحَقِّ الْعَيْنِ وُجُودَ النِّيَّةِ لَهُ مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ النِّيَّةَ لَهُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا جَازَ تَرْكُ النِّيَّةِ لَهُ مِنْ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا هُوَ فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ لَزِمَهُمْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ; فَلِذَلِكَ أَجْزَى لَهُ مَعَ تَرْكِ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ، وَأَمَّا بَعْدَ ثُبُوتِ فَرْضِ الصَّوْمِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إلَّا أَنْ يُوجَدَ لَهُ نِيَّةٌ مِنْ اللَّيْلِ. قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ إيجَادُ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّتِهِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَدَمُهَا مَانِعًا صِحَّتَهُ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَرْكُ الْأَكْلِ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ كَانَ وُجُودُهُ مَانِعًا مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَخْتَلِفَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْفَرْضِ الْمُبْتَدَأِ فِي بَعْضِ النَّهَارَ وَحُكْمُ مَا تُقَدَّمَ فَرْضُهُ; فَلَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآكِلِينَ بِالْإِمْسَاكِ وَأَمَرَهُمْ مَعَ ذَلِكَ بِالْقَضَاءِ; لِأَنَّ تَرْكَ الْأَكْلِ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْ تَارِكِي النِّيَّةَ مِنْ اللَّيْلِ بِالْقَضَاءِ، وَحَكَمَ لَهُمْ بِصِحَّةِ صَوْمِهِمْ إذَا ابْتَدَءُوهُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، ثَبَتَ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست