responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 212
وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: اسْمٌ لِلْكَفِّ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَعَنْ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ مَعَ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ أَوْ الْفَرْضِ. وَهُوَ لَفْظٌ مُجْمَلٌ مُفْتَقِرٌ إلَى الْبَيَانِ عِنْدَ وُرُودِهِ; لِأَنَّهُ اسْمٌ شَرْعِيٌّ مَوْضُوعٌ لَمَعَانٍ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً فِي اللُّغَةِ، إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَرْضِ وَاسْتِقْرَارِ أَمْرِ الشَّرِيعَةِ قَدْ عَقَلَ مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعَ لَهُ فِيهَا بِتَوْقِيفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُمَّةِ عَلَيْهَا.
وقَوْله تَعَالَى: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} يَعْتَوِرُهُ مَعَانٍ ثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَرْوِيٌّ عَنْ السَّلَفِ; قَالَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةَ: إنَّهُ كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا وَهُمْ النَّصَارَى شَهْرُ رَمَضَان أَوْ مِقْدَارُهُ مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ، وَإِنَّمَا حَوَّلُوهُ وَزَادُوا فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَالسُّدِّيُّ: كَانَ الصَّوْمُ مِنْ الْعَتَمَةِ إلَى الْعَتَمَةِ وَلَا يَحِلُّ بَعْدَ النَّوْمِ مَأْكَلٌ وَلَا مَشْرَبٌ وَلَا مَنْكَحٌ، ثُمَّ نُسِخَ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَيْنَا صِيَامُ أَيَّامٍ كَمَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ صِيَامُ أَيَّامٍ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مُسَاوَاتِهِ فِي الْمِقْدَارِ بَلْ جَائِزٌ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ: الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ. وَرَوَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ الصَّوْمَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الصيام بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} وَذَكَرَ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَدَّمْنَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} دَلَالَةٌ عَلَى الْمُرَادِ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي صِفَةِ الصِّيَامِ أَوْ فِي الْوَقْتِ كَانَ اللَّفْظُ مُجْمَلًا، وَلَوْ عَلِمْنَا وَقْتَ صِيَامِ مَنْ قَبْلَنَا وَعَدَدَهُ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ صِفَةَ الصِّيَامِ وَمَا حَظَرَ عَلَى الصَّائِمِ فِيهِ بَعْدَ النَّوْمِ، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيلٌ إلَى اسْتِعْمَالِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فِي احْتِذَاءِ صَوْمِ مَنْ قَبْلَنَا، وقد عقبه تعالى بقوله: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} وَذَلِكَ جَائِزٌ وُقُوعُهُ عَلَى قَلِيلِ الْأَيَّامِ وَكَثِيرِهَا، فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى: فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} بَيَّنْ بِذَلِكَ عَدَدَ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ وَوَقْتَهَا وَأَمَرَ بِصَوْمِهَا. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ أن المراد بقوله تعالى: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، ثُمَّ نُسِخَ بِرَمَضَانَ.
قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الْإِفْطَارِ لِمَنْ لَحِقَهُ الِاسْمُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ يَضُرُّ أَوْ لَا; إلَّا أَنَّا لَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ الصَّوْمُ غَيْرُ مُرَخَّصٍ لَهُ فِي الْإِفْطَارِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إذَا خَافَ أَنْ تَزْدَادَ عَيْنُهُ وَجَعًا أَوْ حُمَّاهُ شِدَّةً أَفْطَرَ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: مَنْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ أَفْطَرَ وَقَضَى وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي سَمِعْتُهُ أَنَّ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست