responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 172
بِالْأُنْثَى} وَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى خُصُوصِ أَوَّلِ الْآيَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْكُفَّارِ; لِاحْتِمَالِ الْأُخُوَّةِ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ، وَلِأَنَّ عَطْفَ بَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ لَفْظُ الْعُمُومِ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ مَخْصُوصٍ لَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ حُكْمِ الْجُمْلَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَلَفَ عِنْدَ ذِكْرِنَا حُكْمَ الْآيَةِ. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] يَقْتَضِي عُمُومُهُ قَتْلَ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ; لِأَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّنَا مَا لَمْ يَنْسَخْهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَتَصِيرُ حِينَئِذٍ شَرِيعَةً لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] . وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وهو قوله: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلَى آخِرِهَا هُوَ شَرِيعَةٌ لِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي إيجَابِهِ الْقِصَاصَ فِي السِّنِّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي قَدَّنَا حِينَ قَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ: "كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ"، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ السِّنُّ بِالسِّنِّ إلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَأَبَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مُوجِبِ حُكْمِ الْآيَةِ عَلَيْنَا، وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْنَا شَرِيعَةُ مِنْ قَبْلَنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِنَفْسِ وُرُودِهَا لَكَانَ قَوْلُهُ كَافِيًا فِي بَيَانِ مُوجَبِ حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّهَا قَدْ اقْتَضَتْ مِنْ حُكْمِهَا عَلَيْنَا مِثْلَ مَا كَانَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فَقَدْ دَلَّ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لُزُومُ حُكْمِ الْآيَةِ لَنَا، وَثُبُوتُهُ عَلَيْنَا، وَالثَّانِي: إخْبَارُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ قَدْ أَلْزَمَنَا هَذَا الْحُكْمَ قَبْلَ إخْبَارِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا حَكَاهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِمَّا شَرَّعَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَحُكْمُهُ ثَابِتٌ مَا لَمْ يُنْسَخْ، وَإِذَا ثَبَتَ مَا، وَصَفْنَا، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ، وَجَبَ إجْرَاءُ حُكْمِهَا عَلَيْهِمَا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} [الإسراء: 33] وَقَدْ ثَبَتَ بِالِاتِّفَاقِ أَنَّ السُّلْطَانَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَدْ انْتَظَمَ الْقَوَدَ، وَلَيْسَ فِيهَا تَخْصِيصْ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ فَهُوَ عَلَيْهِمَا. وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ: "أَلَا، وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَوَلِيُّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ". وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وَحَدِيثُ عُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ، وَكُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ، وَقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ". وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "الْعَمْدُ قَوَدٌ". وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ يَقْتَضِي عُمُومُهَا قَتْلَ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ. وَرَوَى رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّلْمَانِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقَادَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ، وَقَالَ: "أَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ". وَقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السلام مثله.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست