responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 136
الدَّرْدَاءِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ذَكَاةُ الْجَنِينَ ذَكَاةُ أُمِّهِ". وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا وَاهِيَةُ السَّنَدِ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ كَرِهْت الْإِطَالَةَ بِذِكْرِ أَسَانِيدِهَا وَبَيَانِ ضَعْفِهَا وَاضْطِرَابِهَا; إذْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا دَلَالَةٌ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ" يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إيجَابَ تَذْكِيَتِهِ كَمَا تُذَكَّى أُمُّهُ وَأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133] مَعْنَاهُ كَعَرْضِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ: "قَوْلِي قَوْلُك وَمَذْهَبِي مَذْهَبُك" وَالْمَعْنَى قَوْلِي كَقَوْلِك وَمَذْهَبِي كَمَذْهَبِك، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَعَيْنَاكِ عَيْنَاهَا وَجِيدُكِ جِيدُهَا ... سِوَى أَنَّ عَظْمَ السَّاقِ مِنْك دَقِيقُ
وَمَعْنَاهُ: فَعَيْنَاك كَعَيْنَيْهَا وَجِيدُك كَجِيدِهَا. وَإِذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ لِمَا وَصَفْنَا وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا مُرَادَيْنِ بِالْخَبَرِ لِتَنَافِيهِمَا; إذْ كَانَ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ إيجَابُ تَذْكِيَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ غَيْرَ مُذَكًّى فِي نَفْسِهِ وَالْآخَرُ يُبِيحُ أَكْلَهُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ; إذْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ذَكَاتُهُ فِي نَفْسِهِ، لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُخَصِّصَ الْآيَةَ بِهِ وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى مُوَافَقَةِ الْآيَةِ; إذْ غَيْرُ جَائِزٍ تَخْصِيصُ الْآيَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَاهِيَ السَّنَدِ مُحْتَمِلٌ لِمُوَافَقَتِهَا. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إيجَابُ تَذْكِيَتِهِ كَمَا تُذَكَّى الْأُمُّ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ إذَا خَرَجَ حَيًّا وَجَبَ تَذْكِيَتُهُ وَلَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَذْكِيَةِ الْأُمِّ، فَكَانَ ذَلِكَ مُرَادًا بِالْخَبَرِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَعَ ذَلِكَ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةً لَهُ لِتَنَافِيهِمَا وَتَضَادِّهِمَا; إذْ كَانَ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ إيجَابُ تَذْكِيَتِهِ وَفِي الْآخَرِ نَفْيُهُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا أَنْكَرْت أَنْ نُرِيدَ الْمَعْنَيَيْنِ فِي حَالَيْنِ بِأَنْ يَجِبَ ذَكَاتُهُ إذَا خَرَجَ حَيًّا وَيُقْتَصَرُ عَلَى ذَكَاةِ أُمِّهِ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا؟ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ ذِكْرُ الْحَالَيْنِ مَوْجُودًا فِي الْخَبَرِ، وَهُوَ لَفْظٌ وَاحِدٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، لِأَنَّ فِي إرَادَةِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ إثْبَاتَ زِيَادَةِ حَرْفٍ وَلَيْسَ فِي الْآخَرِ إثْبَاتُ زِيَادَةِ حَرْفٍ، وَلَيْسَ فِي الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ لَفْظٌ وَاحِدٌ فِيهِ حَرْفٌ وَغَيْرُ حَرْفٍ، فَلِذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ بِإِرَادَتِهِمَا.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ إرَادَةُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ تُوجِبُ زِيَادَةَ حَرْفٍ وَهُوَ الْكَافُ وَلَيْسَ فِي الْآخَرِ زِيَادَةٌ، فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ إلَى زِيَادَةٍ أَوْلَى; لِأَنَّ حَذْفَ الْحَرْفِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَجَازًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَذْفُ شَيْءٍ فَهُوَ حَقِيقَةٌ، وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَجَازِ قِيلَ لَهُ: كَوْنُ الْحَرْفِ مَحْذُوفًا أَوْ غَيْرَ مَحْذُوفٍ لَا يُزِيلُ عَنْهُ الِاحْتِمَالَ; لِأَنَّهُ. وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فَهُوَ مَفْهُومُ اللَّفْظِ مُحْتَمِلٌ لَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِيمَا هُوَ مِنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، فَلَمْ يَجُزْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَخْصِيصُ الْآيَةِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ فِي اللَّفْظِ احْتِمَالُ كَوْنِهِ غَيْرَ مُذَكًّى بِذَكَاةِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ لَا يسمى

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست