responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 5  صفحه : 58
وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ وُجُودُهُ عَلَى هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْبِنْيَةِ وَالشَّكْلِ وَالتَّصْوِيرِ فَمَتَى لَمْ يَكُنْ لِلسِّقْطِ شَيْءٌ مِنْ صُورَةِ الْإِنْسَانِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَلَدٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَلَقَةِ وَالنُّطْفَةِ سَوَاءٌ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ لِعَدَمِ كَوْنِهِ وَلَدًا وَأَيْضًا فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَا أَسْقَطَتْهُ مِمَّا لَا تَتَبَيَّنُ لَهُ صُورَةُ الْإِنْسَانِ دَمًا مُجْتَمِعًا أَوْ دَاءً أَوْ مُدَّةً فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ نَجْعَلَهُ وَلَدًا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَأَكْثَرُ أَحْوَالِهِ احْتِمَالُهُ لَأَنْ يَكُونَ مِمَّا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدًا وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ وَلَدًا فَلَا نَجْعَلُهَا مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ بِهِ بِالشَّكِّ وَعَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ ما يجوز أن يكون منه ولدا ولا يَكُونُ مِنْهُ وَلَدًا سَاقِطٌ لَا مَعْنَى لَهُ إذْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا بِنَفْسِهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْعَلَقَةَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا وَلَدٌ وَكَذَلِكَ النُّطْفَةُ وَقَدْ تَشْتَمِلُ الرَّحِمُ عَلَيْهِمَا وتضمهما
وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النُّطْفَةُ تَمْكُثُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَقَةً
وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَعْتَبِرْ أَحَدٌ الْعَلَقَةَ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَزَعَمَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ قَوْمًا ذَهَبُوا إلَى أَنَّ السِّقْطَ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا تَعْتِقُ بِهِ أُمُّ الْوَلَدِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَنَا أَنَّ الْمُضْغَةَ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ قَدْ دَخَلَتْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ كَمَا ذَكَرَ الْمُخَلَّقَةَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَخْرُجَ الْوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَهُوَ حَمْلٌ وَقَالَ تَعَالَى وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ والذي ذكره إسماعيل ومعلوم إغْفَالٌ مِنْهُ لِمُقْتَضَى الْآيَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُخْبِرْ أَنَّ الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ وَلَدٌ وَلَا حَمْلٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَنَا مِنْ الْمُضْغَةِ وَالْعَلَقَةِ كَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَنَا مِنْ النُّطْفَةِ وَمِنْ التُّرَابِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حِينَ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ خَلَقَنَا مِنْ الْمُضْغَةِ وَالْعَلَقَةِ فَقَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ نُطْفَةً وَلَا عَلَقَةً وَلَا مُضْغَةً لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ وَالنُّطْفَةُ وَلَدًا لَمَا كَانَ الْوَلَدُ مَخْلُوقًا مِنْهَا إذْ مَا قَدْ حَصَلَ وَلَدًا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ قَدْ خُلِقَ مِنْهُ وَلَدٌ وَهُوَ نَفْسُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُضْغَةَ الَّتِي لَمْ يَسْتَبِنْ فِيهَا خَلْقُ الْإِنْسَانِ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَقَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ أَعْلَمَنَا أَنَّ الْمُضْغَةَ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ قَدْ دَخَلَتْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ كَمَا ذَكَرَ الْمُخَلَّقَةَ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ هَذَا اسْتِدْلَالًا صَحِيحًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ فِي النُّطْفَةِ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَهَا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ كَمَا ذَكَرَ الْمُضْغَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النُّطْفَةُ حَمْلًا وَوَلَدًا لِذِكْرِ اللَّهِ لَهَا فِيمَا خَلَقَ النَّاسَ مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ خَلَقَنَا مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ وَالْمُخَلَّقَةُ هِيَ الْمُصَوَّرَةُ وَغَيْرُ الْمُخَلَّقَةِ غَيْرُ الْمُصَوَّرَةِ فَإِذَا جَازَ أَنْ يَقُولَ خَلَقَكُمْ مِنْ مُضْغَةٍ مُصَوَّرَةٍ مَعَ كَوْنِ الْمُصَوَّرَةِ وَلَدًا لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمُصَوَّرَةِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 5  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست