responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 5  صفحه : 280
بالعصا قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اقْتَضَى ظَاهِرُ الْآيَةِ الْأَمْرَ بِقِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ عُمُومٌ فِي سَائِرِ ضُرُوبِ الْقِتَالِ فَإِنْ فَاءَتْ إلَى الْحَقِّ بِالْقِتَالِ بِالْعِصِيِّ وَالنِّعَالِ لَمْ يُتَجَاوَزْ بِهِ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تَفِئْ بِذَلِكَ قُوتِلَتْ بِالسَّيْفِ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقِتَالِ بِالْعِصِيِّ دُونَ السِّلَاحِ مَعَ الْإِقَامَةِ عَلَى الْبَغْيِ وَتَرْكِ الرُّجُوعِ إلَى الْحَقِّ وَذَلِكَ أَحَدُ ضُرُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وذلك أَضْعَفُ الْإِيمَانِ
فَأَمَرَ بِإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ السِّلَاحِ وَمَا دُونَهُ فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ إزَالَتِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْكَنَ وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ الْحَشْوِ إلَى أَنَّ قِتَالَ أَهْلِ الْبَغْيِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْعِصِيِّ وَالنِّعَالِ وَمَا دُونَ السِّلَاحِ وَأَنَّهُمْ لَا يُقَاتَلُونَ بِالسَّيْفِ وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَيْنَا مِنْ سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَقِتَالِ الْقَوْمِ الَّذِينَ تَقَاتَلُوا بِالْعِصِيِّ وَالنِّعَالِ وَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرُوا لِأَنَّ الْقَوْمَ تَقَاتَلُوا بِمَا دُونَ السِّلَاحِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِ الْبَاغِي مِنْهُمَا وَلَمْ يُخَصِّصْ قِتَالَنَا إيَّاهُ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ وَكَذَلِكَ نَقُولُ مَتَى ظَهَرَ لَنَا قِتَالٌ مِنْ فِئَةٍ عَلَى وَجْهِ الْبَغْيِ قَابَلْنَاهُ بِالسِّلَاحِ وَبِمَا دُونَهُ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الْحَقِّ وَلَيْسَ فِي نُزُولِ الْآيَةِ عَلَى حَالِ قِتَالِ الْبَاغِي لَنَا بِغَيْرِ سِلَاحٍ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الأمر بقتالنا إياهم مقصورا على مادون السِّلَاحِ مَعَ اقْتِضَاءِ عُمُومِ اللَّفْظِ لِلْقِتَالِ بِسِلَاحٍ وَغَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ مِنْ قاتلكم بالعصى فقاتلوه بالسلاح لم يتناقص الْقَوْلُ بِهِ فَكَذَلِكَ أَمْرُهُ إيَّانَا بِقِتَالِهِمْ إذْ كَانَ عُمُومُهُ يَقْتَضِي الْقِتَالَ بِسِلَاحٍ وَغَيْرِهِ وَجَبَ أَنْ يُجْرَى عَلَى عُمُومِهِ وَأَيْضًا قَاتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ بِالسَّيْفِ وَمَعَهُ مِنْ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ بَدْرٍ مَنْ قَدْ عُلِمَ مَكَانُهُمْ وَكَانَ محقا في قتاله لهم لم يحالف فِيهِ أَحَدٌ إلَّا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ الَّتِي قَابَلَتْهُ وَأَتْبَاعُهَا
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمَّارٍ تَقْتُلُك الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ
وَهَذَا خَبَرٌ مَقْبُولٌ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ حَتَّى إنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جَحْدِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ إنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ فَطَرَحَهُ بَيْنَ أَسِنَّتِنَا رَوَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الشَّامِ وَهُوَ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ غَيْبٍ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إيجَابِ قِتَالِ الْخَوَارِجِ وَقَتْلِهِمْ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ مِنْهَا
حَدِيثُ أَنَسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقَوْلَ وَيُسِيئُونَ الْعَمَلَ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 5  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست