responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 319
بِالْمُسْلِمِينَ لَمْ يُمْكِنْ تَلَافِيهِ وَتَعَلُّمُ الْعِلْمِ مُمْكِنٌ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَلِأَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَمَتَى لَمْ يَكُنْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ مَنْ يَدْفَعُهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ تَعَيَّنَ فَرْضُ الْجِهَادِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَمَا كَانَ فَرْضًا معينا على الإنسان غير موضع عَلَيْهِ فِي التَّأْخِيرِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَرْضِ الَّذِي قَامَ بِهِ غَيْرُهُ وَسَقَطَ عَنْهُ بِعَيْنِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ الِاشْتِغَالِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعَلُّمِ عِلْمِ الدِّينِ فِي تِلْكَ الْحَالِ إذْ كَانَ الْفَرْضُ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَإِنْ قَامَ بِفَرْضِ الْجِهَادِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ وَغِنًى فَقَدْ عَادَ فَرْضُ الْجِهَادِ إلَى حُكْمِ الْكِفَايَةِ كَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ إلَّا أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَوْلَى وَأَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ عُلُوِّ مَرْتَبَةِ الْعِلْمِ عَلَى مَرْتَبَةِ الْجِهَادِ فَإِنَّ ثَبَاتَ الْجِهَادِ بِثَبَاتِ الْعِلْمِ وَإِنَّهُ فَرْعٌ لَهُ وَمَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَجُوزُ الْجِهَادُ مَعَ الْفُسَّاقِ قِيلَ لَهُ إنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فَإِنَّمَا يَقُومُ بِفَرْضِ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يُجَاهِدَ الْكُفَّارَ وَإِنْ كَانَ أمير الجيش وجنوده فساقا وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَغْزُونَ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ الْأُمَرَاءِ الْفُسَّاقِ وَغَزَا أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ مَعَ يَزِيدَ اللعين وقد ذكرنا حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزَاةٍ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا عَامًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ عَلَى الْجَيْشِ رَجُلٌ شَابٌّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا عَلَيَّ مَنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَيَّ فَكَانَ يَقُولُ قَالَ اللَّه تَعَالَى انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا فَلَا أَجِدُنِي إلَّا خَفِيفًا أَوْ ثَقِيلًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ وَاجِبٌ مَعَ الْفُسَّاقِ كَوُجُوبِهِ مَعَ الْعُدُولِ وَسَائِرُ الْآيِ الْمُوجِبَةِ لِفَرْضِ الْجِهَادِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ فِعْلِهِ مَعَ الْفُسَّاقِ وَمَعَ الْعُدُولِ الصَّالِحِينَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفُسَّاقَ إذَا جَاهَدُوا فَهُمْ مُطِيعُونَ فِي ذَلِكَ كَمَا هُمْ مُطِيعُونَ للَّه فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجِهَادَ ضَرْبٌ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَوْ رَأَيْنَا فَاسِقًا يَأْمُرُ بِمَعْرُوفٍ وَيَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ كَانَ عَلَيْنَا مُعَاوَنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْجِهَادُ فاللَّه تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ بِفَرْضِ الْجِهَادِ الْعُدُولَ دُونَ الْفُسَّاقِ فَإِذَا كَانَ الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ وَاحِدًا لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ الْجِهَادِ مَعَ الْعُدُولِ وَمَعَ الْفُسَّاقِ
قَوْله تَعَالَى وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عدة والعدة مَا يُعِدُّهُ الْإِنْسَانُ وَيُهَيِّئُهُ لِمَا يَفْعَلُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ نَظِيرُ الْأُهْبَةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْجِهَادِ قَبْلَ وَقْتِ وُقُوعِهِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ومن رباط الخيل وقوله تعالى ولكن كره الله انبعاثهم يعنى خُرُوجَهُمْ كَانَ يَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ وَتَخْذِيلِ الْمُسْلِمِينَ وَتَخْوِيفِهِمْ مِنْ الْعَدُوِّ وَالتَّضْرِيبِ بَيْنَهُمْ وَالْخُرُوجُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست