responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 298
العراق قفيزها ودرهمها ومنعت الشام مداها وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّهَا وَعُدْتُمْ كَمَا بَدَأْتُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هريرة رضى الله تعالى عنه وَدَمُهُ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَرَاجَ الْأَرْضِ لَيْسَ بِصَغَارٍ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَكْرَهْ لَهُمْ مِلْكَ أَرْضِ الْخَرَاجِ الَّتِي عَلَيْهَا قَفِيزٌ وَدِرْهَمٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهَا لَذَكَرَهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ مَنْعِهِمْ لِحَقِّ اللَّهِ الْمُفْتَرَضِ عَلَيْهِمْ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عُدْتُمْ كَمَا بَدَأْتُمْ يَعْنِي فِي مَنْعِ حَقِّ اللَّهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ لِلَّهِ تَعَالَى مِثْلُ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ لَا عَلَى وَجْهِ الصَّغَارِ وَالذِّلَّةِ وَأَيْضًا لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْإِسْلَامَ يسقط جزية الرءوس ولا يسقط عن الْأَرْضِ فَلَوْ كَانَ صَغَارًا لَأَسْقَطَهُ الْإِسْلَامُ فَإِنْ قيل لما كان خراج الأرضين فيا وَكَذَلِكَ جِزْيَةُ الرُّءُوسِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَغَارٌ قِيلَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْفَيْءِ مَا يُصْرَفُ إلَى الْغَانِمِينَ وَمِنْهُ مَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَهُوَ الْخُمُسُ وَهَذَا كَلَامٌ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يُصْرَفُ فِيهِ وَلَيْسَ يُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صَغَارًا لِأَنَّ الصَّغَارَ فِي الْفَيْءِ هُوَ مَا يُبْتَدَأُ بِهِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فَأَمَّا مَا قَدْ وَجَبَ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْحَقِّ ثُمَّ مَلَكَهَا مُسْلِمٌ فَإِنَّ مِلْكَ الْمُسْلِمِ لَهُ لَا يُزِيلُهُ إذْ كَانَ وُجُوبُهُ فيها متقدم لِمِلْكِهِ وَهُوَ حَقٌّ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَكُنْ الجزية صغارا من حيث كانت فيا وإنما كَانَتْ عُقُوبَةً وَلَيْسَ خَرَاجُ الْأَرَضِينَ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَرْضَ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ يَجِبُ فِيهِمَا الْخَرَاجُ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمَا الْجِزْيَةُ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ عُقُوبَةٌ وَخَرَاجُ الْأَرَضِينَ لَيْسَ كَذَلِكَ.
(فَصْلٌ) إنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ الْمُلْحِدِينَ كَيْفَ جَازَ إقْرَارُ الْكُفَّارِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ بَدَلًا مِنْ الْإِسْلَامِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ رِضًا بِكُفْرِهِمْ وَلَا إبَاحَةً لِبَقَائِهِمْ عَلَى شِرْكِهِمْ وَإِنَّمَا الْجِزْيَةُ عُقُوبَةٌ لَهُمْ لِإِقَامَتِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَتَبْقِيَتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِالْجِزْيَةِ كَهِيَ لَوْ تَرَكْنَاهُمْ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ إذْ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ إيجَابُ قَتْلِهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا جَازَ أَنْ يُبْقِيَ اللَّهُ كَافِرًا طَرْفَةَ عَيْنٍ فَإِذَا بَقَّاهُمْ لِعُقُوبَةٍ يُعَاقِبُهُمْ بِهَا مَعَ التَّبْقِيَةِ اسْتِدْعَاءً لَهُمْ إلَى التَّوْبَةِ مِنْ كُفْرِهِمْ وَاسْتِمَالَةً لَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا إمْهَالُهُ إيَّاهُمْ إذْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مِنْ نَسْلِهِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْمَصْلَحَةِ مَعَ مَا للمسلمين فيها من المرفق وَالْمَنْفَعَةِ فَلَيْسَ إذًا فِي إقْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَتَرْكِ قَتْلِهِمْ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ مَا يُوجِبُ الرِّضَا بِكُفْرِهِمْ وَلَا الْإِبَاحَةَ لِاعْتِقَادِهِمْ وَشِرْكِهِمْ فَكَذَلِكَ إمْهَالُهُمْ بِالْجِزْيَةِ جَائِزٌ فِي الْعَقْلِ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ تَعْجِيلِ بَعْضِ عِقَابِهِمْ الْمُسْتَحَقِّ بِكُفْرِهِمْ وَهُوَ مَا يَلْحَقُهُمْ مِنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست