responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 169
تَعَالَى وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَبَدَ كَوْكَبًا أَوْ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى تَجِبُ بِكَمَالِ الْعَقْلِ قَبْلَ إرْسَالِ الرُّسُلِ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَدَلَّ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ بِحُجَجِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ قَوْله تَعَالَى وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ على قومه يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى حُدُوثِ الْكَوْكَبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ وَأَنَّ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهَا مِنْ مُقَارَنَةِ الْحَوَادِثِ لَهُ لَا يَكُونُ إلَهًا وَلَمَّا قُرِّرَ ذَلِكَ عندهم قال أى الفريقين أحق بالأمن أَمَّنْ يَعْبُدُ إلَهًا وَاحِدًا أَحَقُّ أَمْ مَنْ يَعْبُدُ آلِهَةً شَتَّى قَالُوا مَنْ يَعْبُدُ إلَهًا وَاحِدًا فَأَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَصَارُوا مَحْجُوجِينَ وَقِيلَ إنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا لَهُ أَمَا تَخَافُ أَنْ تخبلك آلِهَتُنَا قَالَ لَهُمْ أَمَا تَخَافُونَ أَنْ تَخْبِلَكُمْ بِجَمْعِكُمْ الصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ فِي الْعِبَادَةِ فَأَبْطَلَ ذَلِكَ حِجَاجُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ رَجَعَ عَلَيْهِمْ مَا أَرَادُوا إلْزَامَهُ إيَّاهُ فَأَلْزَمَهُمْ مِثْلَهُ عَلَى أَصْلِهِمْ وَأَبْطَلَ قَوْلَهُمْ بِقَوْلِهِ قَوْله تَعَالَى أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ أَمْرٌ لَنَا بِالِاقْتِدَاءِ بِمَنْ ذَكَرَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِدْلَالِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيُحْتَجُّ بِعُمُومِهِ فِي لُزُومِ شَرَائِعِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِأَنَّهُ لَمْ يُخَصَّصْ بِذَلِكَ الِاسْتِدْلَال عَلَى التَّوْحِيدِ مِنْ الشَّرَائِعِ السَّمْعِيَّةِ وَهُوَ عَلَى الْجَمِيعِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ قَوْله تَعَالَى لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وهو يدرك الأبصار يُقَالُ إنَّ الْإِدْرَاكَ أَصْلُهُ اللُّحُوقُ نَحْوُ قَوْلِك أَدْرَكَ زَمَانَ الْمَنْصُورِ وَأَدْرَكَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَدْرَكَ الطَّعَامَ أَيْ لَحِقَ حَالَ النُّضْجِ وَأَدْرَكَ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَةَ وَأَدْرَكَ الْغُلَامَ إذَا لَحِقَ حَالَ الرِّجَالِ وَإِدْرَاكُ الْبَصَرِ لِلشَّيْءِ لُحُوقُهُ لَهُ بِرُؤْيَتِهِ إيَّاهُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ أَدْرَكْت بِبَصَرِي شَخْصًا مَعْنَاهُ رَأَيْته بِبَصَرِي وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِدْرَاكُ الْإِحَاطَةَ لِأَنَّ الْبَيْتَ مُحِيطٌ بِمَا فِيهِ وَلَيْسَ مُدْرِكًا له
فقوله تعالى لا تدركه الأبصار مَعْنَاهُ لَا تَرَاهُ الْأَبْصَارُ وَهَذَا تَمَدُّحٌ بِنَفْيِ رُؤْيَةِ الْأَبْصَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولا نوم وَمَا تَمَدَّحَ اللَّهُ بِنَفْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ إثْبَاتَ ضِدِّهِ ذَمٌّ وَنَقْصٌ فَغَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُ نَقِيضِهِ بِحَالٍ كَمَا لَوْ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُ الصِّفَةِ بلا تأخذه سنة ولا نوم لَمْ يَبْطُلْ إلَّا إلَى صِفَةِ نَقْصٍ فَلَمَّا تَمَدَّحَ بِنَفْيِ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ إثْبَاتُ ضِدِّهِ وَنَقِيضِهِ بِحَالٍ إذْ كَانَ فِيهِ إثْبَاتُ صِفَةِ نَقْصٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مخصوصا بقوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة لِأَنَّ النَّظَرَ مُحْتَمِلٌ لِمَعَانٍ مِنْهُ انْتِظَارُ الثَّوَابِ كَمَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا لِلتَّأْوِيلِ لَمْ يَجُزْ الِاعْتِرَاضُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست